ربيع المدخلي وحكم الطواغيت
قال ربيع المدخلي كما في "فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر من دماء في الجزائر" لعبد المالك رمضاني (194): (الحكم لا شك أنه
طاغوت، القوانين طاغوتية، لكن هل كل واحد يؤمن بهذا الطاغوت؟ حتى الحاكم نفسه يؤمن بهذا الطاغوت؟ وهل نحن على بصيرة
وعلى برهان واضح أن هذا هو الكفر البواح؟).
فهو يعتبره حكم طاغوت بعد أن كان مجرد كفر أصغر، أو هو يجمع بينهما، وليس كفرا بواحا على كل حال، ويعتقد أن العمل
كالتشريع والإحتكام ليس إيمانا بالطاغوت، وإنما الإيمان به في القلب فقط، والكفر بالطاغوت متحقق عنده وإن عبده فعلا ولم
يجتنبه مخالفا قول الله -تعالى-: ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)) ويعده ممن قال الله فيهم:
((وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى))، وهكذا انتهى الأمر إلى اجتماع الناس على الكفر دون أن
يكون أي واحد منهم كافرا!
ويقولون أن هؤلاء الذين أرادوا أن يتحاكموا إلى الطاغوت كانوا منافقين يبطنون الكفر، ويزعمون أنهم آمنوا أي اعتقادا، وكأن
هذا الفعل إذا وقع من صحابي صادق الإيمان لا يكفر، فلو كان النفاق الباطن هو الذي كفرهم لما كان لذكر احتكامهم أي معنى، فالله
–عز وجل– ذكر كفرهم للفعل.
وقد احتج الله بفساد الظاهر على فساد الباطن، ولم يذكر الإستحلال ولا التفضيل ولا الإدعاء بأنه من عند الله، بل مجرد الإعراض
عنه إلى غيره، وهؤلاء لا يحكمون على الظاهر إلا بمعرفة الباطن.
وما دام الله وحده الذي يعلم بفساد القلب أو صلاحه فلا تكفير للكافر عندهم في واقع الأمر، إنها نفسها عقائد غلاة الجهمية قديما
الذين لا يرون فعل الكفر ناقضا للإسلام.
إن الكفر قد يكون اعتقادا في القلب لا يعلمه إلا الله، وقد يكون عملا بالجوارح كاليد واللسان وغيرهما، فالكفر يثبت بشيء واحد،
ولا يكون المرء مسلما بالقلب وحده دون الجوارح، ولم يأمرنا الله أن نسأل عن القلب إذا رأينا الجوارح تعمل، إذ الأصل أن القلب
مطابق للجوارح، في حالتي الإسلام أو الكفر، لأن ذلك يتعذر علينا نحن البشر.
ليست هناك تعليقات