التفريق بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة
التفريق بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة:
_____________________________
حاول بعض المعاصرين أن يربط بين أحكام الدنيا والآخرة في مسألة العذر بالجهل مستدلاً بالآيات التي ذكر فيها نفي التعذيب قبل بلوغ الرسالة، مثل قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الإسراء: 15]، وقوله تعالى: (بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ) [الملك:9].. الآية، وقوله تعالى: (وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً) [القصص: 47].. الآية، وأورد أقاويل المفسرين التي تتضمن نفي التعذيب عمن لم تبلغه الحجة الرسالية، وأغفلوا ما ذكره وحكاه مثلآ الإمام ابن القيم، من أن أحكام الدنيا جارية على ظاهر الأمر، وأن مرتكب الكفر جاهلاً ملحق بالكفار في أحكام الدنيا، وأنه ليس معنى قول العلماء أنه لم تبلغه الدعوة أن ذلك حكم منهم بإسلامه وعدم كفره، فبطل الاحتجاج بهذه الآيات في مقام أحكام الدنيا، إنما هي في أحكام الثواب والعقاب .
اقوال بعض العلماء الأعلام في التفريق بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة:
________________
1- يقول الشيخان حسين وعبد الله ابنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب من علماء الدعوة "من مات من أهل الشرك قبل بلوغ هذه الدعوة، فالذي يحكم عليه أنه إذا كان معروفاً بفعل الشرك، ويدين به ومات على فهذا ظاهره أنه مات على الكفر، ولا يدعى له، ولا يضحى عنه، ولا يتصدق عنه، أما حقيقة أمره فإلى الله تعالى" .
2- يقول الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب "من مات من أهل الشرك قبل بلوغ الدعوة فالذي يحكم عليه أنه إذا كان معروفاً بفعل الشرك ومات على ذلك ويدين به فهذا ظاهره الكفر" .
3- قال الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى "والله يقضي بين عباده بحكمه وعدله، ولا يعذب أحداً إلا من قامت عليه حجته بالرسل، وأما كون زيد أو عمرو قامت عليه الحجة أم لا فذلك ما لا يمكن الدخول فيه بين الله وبين عباده، بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير الإسلام فهو كافر، وأن الله لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول، هذا في الجملة، والتعيين موكول إلى الله عز وجل وحكمه، وهذا أحكام الثواب والعقاب، وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر، فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا" .
4- يقول الشيخ حمد بن ناصر بن معمر .
"من كان يعبد الأوثان، ومات على ذلك قبل ظهور هذا الدين، فهذا ظاهره الكفر، وإن كان يحتمل أنه لم تقم عليه الحجة، لجهله وعد من ينبهه؛ لأنا نحكم على الظاهر، وأما الحكم على الباطن فذلك إلى الله تعالى، والله لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، قال تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الإسراء: 15]" .
ليست هناك تعليقات