Header Ads

كلمة حول التوحيد والشرك !






فمنذ أن بزغ فجر البشرية في هذه الدنيا وقضية التوحيد تتصدّر قضايا الوجود ويتمحور حولها تاريخ الإنسان
فقد خلق الله عزّ وجل الإنسان لغاية محددة وهي عبادته وحده لا شريك له 
وتحذيره من إتباع سبل الغواية والضلال وحول هذا المفهوم نشأت قضية الصراع 
بين الحقّ والباطل وأضحى لكلّ تصور مفاهيمه ودلالاته التي يقوم عليها 
الولاء والبراء وعقد أنصار كلّ طريقة قلوبهم على الإيمان بها وعاهدوا على 
نصرتها والدفاع عنها إلى أن يحكم الله يوم القيامة بين العباد
فالتوحيد هو إفراد الله بالعبادة والبراءة من الشرك وأهله 
قال ربّنا عزّ وجل في محكم التنزيل : ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ( 163 ) ) [البقرة : 163]
وقد شرحها العلامة ابن كثير فقال : (يخبر تعالى عن 
تفرده بالإلهية ، وأنه لا شريك له ولا عديل له ، بل هو الله الواحد الأحد 
الفرد الصمد ، الذي لا إله إلا هو وأنه الرحمن الرحيم .. )

وقال تعالى : ( واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ( 3 ) ) [الفرقان : 3]

وقد جاء في شرحها عند ابن كثير ايضا قوله رحمه الله : (يخبر
تعالى عن جهل المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ، الخالق لكل شيء ، 
المالك لأزمة الأمور ، الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . ومع هذا عبدوا 
معه من الأصنام ما لا يقدر على خلق جناح بعوضة ، بل هم مخلوقون ، ولا 
يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ، فكيف يملكون لعابديهم؟ ) 

فالتوحيد إذن قائم على أمرين : إثبات ونفي 
إثبات الالوهية لله وحده 
ونفيها عمّن سواه
فلا يتمّ الإيمان بالله إلاّ بالبراءة من الشرك وأهله

ولهذا قال ربّنا جلّ وعلا : ( ولقد بعثنا في كل أمة 
رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت 
عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ( 36 ) ) [النحل : 3]
قال العلامة الطبري رحمه الله : (يقول تعالى ذكره : 
ولقد بعثنا أيها الناس في كل أمة سلفت قبلكم رسولا كما بعثنا فيكم بأن 
اعبدوا الله وحده لا شريك له ، وأفردوا له الطاعة ، وأخلصوا له العبادة ( واجتنبوا الطاغوت ) يقول : وابعدوا من الشيطان ، واحذروا أن يغويكم ، ويصدكم عن سبيل الله ... )
لقد سلك الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم مسلكا فريد في بيان جذور هذه القضية وىثارها العميقة التي تحدّد مصير الإنسان 
والقاريء للقرآن الكريم المتدبر في آياته يخرج بنتيجة مفادها أنّ الحقّ 
يسبق الباطل وهو باق بعده فقد كان الناس أمة واحدة حتى أفسدت عقائدهم 
الشياطين ولهذا أرسل الله الرسل وأنزل الكتب إنجازا لوعده لأبي البشرية آدم
عليه السلام وذريته بالهداية والإرشاد والتحذير من سبل الغواية والفساد
قال عزّ وجل : ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله 
النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما 
اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا 
بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من 
يشاء إلى صراط مستقيم (213 ) ) [البقرة : 213]
وبهذا يمكننا فهم وضيفة الرسل ودورهم في تصحيح مسار التاريخ البشري 
ومكانتهم في العقيدة الإسلامية فهم الرحمة المهدات والنعمة المسجاة والوعد 
المنجز فمن تمسّك بهديهم نجى ومن تنكّب طريقهم صار إلى الردى .. 
ومن مسلك القرآن في تقرير التوحيد بيان سفاهة عقول المشركين وعجز آلهتهم 
قال عزّ وجل : ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا 
يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له 
منهم من ظهير ( 22 ) ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن 
قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ( 23 ) ) [ سبأ : 22 -23]
وقال أيضا : ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا 
ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في 
السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون ( 18 ) وما كان الناس إلا 
أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون ( 
19 ) ) [ يونس : 18 -19]

يقول العلامة ابن كثير : (ينكر تعالى على المشركين 
الذين عبدوا مع الله غيره ، ظانين أن تلك الآلهة تنفعهم شفاعتها عند الله ،
فأخبر تعالى أنها لا تنفع ولا تضر ولا تملك شيئا ، ولا يقع شيء مما يزعمون
فيها ، ولا يكون هذا أبدا ؛ ولهذا قال تعالى : ( قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض ) . 
وقال ابن جرير : معناه أتخبرون الله بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض ؟ ثم نزه نفسه عن شركهم وكفرهم ، فقال : ( سبحانه وتعالى عما يشركون ))






ليست هناك تعليقات