Header Ads

الرد على شبهة عدم تكفير الرسول صلي الله عليه وسلم للمنافقين




من شبهات المنافحين عن المشركين المصححين لدينهم قولهم "لماذا لم يكفر الرسول صلي الله عليه وسلم المنافقين وهو أعلم بحالهم؟" فلم يفرقوا بين المنافق الذي يظهر الاسلام ويبطن الكفر وبين الكافر الظاهر كفره , وجعلوهم جميعا فى سلة واحده ليخلطوا الحق بالباطل وينصرون مذهبهم الخبيث.

إن المنافق هو شخص أظهر الإسلام قولا وعملا ولم يأت بناقض من نواقض التوحيد , ولكن فى أعماقه فهو يبطن الكفر والشرك , وهناك فرق كبير بينه وبين انسان فعل الكفر والشرك وأتي بناقض من نواقض التوحيد , وان كان المنافق اكثر خطرا على الإسلام من الكافر الظاهر الواضح الصريح , إلا أنه لم يكن من الممكن تكفيره , لأن ذلك يفتح الباب للتفتيش فى القلوب و النوايا , بينما نحن مأمور بالأخذ بالظاهر والله يتولي السرائر , فكما انه من الممكن أن يعامل الكافر معاملة المسلم فى حالة النفاق كان من الممكن أنه يعامل المسلم معاملة الكافر فى حالة الاكراه وعدم تمييز الصفوف كما فى غزوة بدر عندما خرج بعض المسلمين الذين لم يهاجروا مع الرسول صلي الله عليه وسلم فى صفوف المشركين فعاملهم الرسول صلي الله عليه وسلم معاملة المشركين لأن هذا هو ظاهرهم , وكذلك الحال مع المنافق الذي يظهر الاسلام كاملا قولا وفعلا فانه لا سبيل الى الحكم عليه بالكفر لانه لا يوجد انسان يستطيع أن يكشف عن قلب إنسان آخر ليدرك هل هو منافق فى قلبه أم لا.

وجاء فى الحديث عن أسامة بن زيد قال : (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقال لا إله إلا الله وقتلته قال قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح قال أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ) (1)
قال النووي رحمه الله فى شرح هذا الحديث : ومعناه أنك إنما كلفت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان , وأما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه , فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان . وقال : أفلا شققت عن قلبه لتنظر هل قالها القلب واعتقدها وكانت فيه أم لم تكن فيه بل جرت على اللسان فحسب يعني وأنت لست بقادر على هذا فاقتصر على اللسان فحسب , يعني ولا تطلب غيره .(2).

وقال أيضاً في تعليقه على قوله – صلى الله عليه وسلم-: ((أفلا شققت عن قلبه؟)): (وفيه دليل على القاعدة المعروفة في الفقه والأصول أن الأحكام فيها بالظاهر والله يتولى السرائر) (3).

فالتفتيش فى القلوب والنوايا قد يفتح باب فتنة عظيمة يكفر بسببها المسلمين وتهدر فيها دماء الأبرياء , لذلك أغلق الرسول صلي الله عليه وسلم باب الفتنة بأن لم يكفر المنافقين برغم أن الله سبحانه وتعالي أخبره بحالهم , ولكننا نجده لا يتردد فى تكفير كل من أتي بكفر ظاهر مثل الذين استهزأوا بالرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه فأنزل الله سبحانه وتعالي فيهم قوله "لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم" فقد فعلتم كفر صريح وهو الاستهزاء برسول الله وآياته , وكذلك فعل أصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم مع كل من أظهر كفره ونفاقه , فها هو عبد الله بن أبي بن سلول في غزوة بني المصطلق، يحاول أن يوقع بين الأنصار والمهاجرين بقوله: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز (أي هو) منها الأذل (يقصد بذلك الرسول وأصحابه) فهنا هو أظهر كفره ونفاقه , وعندما سمع إبنه عبد الله رضي الله عنه بذلك ذهب إلي الرسول صلي الله عليه وسلم وقال له: يا رسول الله، بلغني أنك تريد قتل أبي، فوالذي بعثك بالحق، لئن شئت أن آتيك برأسه لأتيتك، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري، فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله، فأقتل مؤمنًا بكافر فأدخل النار. (4)

فعندما أظهر أبيه الكفر لم يتردد فى تكفيره وهو أبر الناس بوالده , لأن العقيدة ليس فيها مجاملة ولا محاباه لأحد , والفعل كفر ظاهر فلا مجال هنا للتفتيش فى القلوب والنوايا وانما هو الحكم على القول والفعل الظاهر , كما في قصة حاطب بن أبي بلتعة حيث كتب إلى قريش بمسير النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم عام الفتح أن عمر - رضي الله عنه - قال : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : " إنه قد شهد بدرا " . ولم ينكر على عمر - رضي الله عنه - تسميته بذلك إذ كان ما فعل علامة ظاهرة على النفاق (5)

لذلك الحكم على الإنسان يكون بالعلامات الظاهره فمن أظهر الاسلام فهو مسلم ومن أظهر الشرك فهو مشرك وقد قال الإمام البغوي: أن أمور الناس في معاملة بعضهم بعضاً إنما تجري على الظاهر من أحوالهم دون باطنها، و أن من أظهر شعار الدين أجري عليه حكمه، ولم يكشف عن باطن أمره، ولو وجد مختون فيما بين قتلى غلف، عزل عنهم في المدفن، ولو وجد لقيط في بلد المسلمين حكم بإسلامه) (6)

وبذلك لا يمكن الاستدلال بعدم تكفير الرسول صلي الله عليه وسلم للمنافقين لاسقاط الأمر على عدم تكفير من أتي بناقض ظاهر من نواقض التوحيد فكل من فعل كفرا ظاهرا قام الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه بتكفيرهم وكذلك فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع من منعوا الزكاه وهم يشهدون أن لا إله الا الله ويصلون ويصومون وسماهم (مرتدين) وكذلك فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع من قاموا باستحلال الخمر بالتأويل فلا مقارنة بين المنافق الذي يظهر الإسلام كاملا ويبطن الكفر وبين الذي يظهر الكفر ويأتي بنواقض التوحيد الظاهرة الواضحة قولا وفعلا.

والله سبحانه وتعالي أعلم


ليست هناك تعليقات