حكم من يجهل بأن لله الحكم والتشريع المطلق
بسم الله الرحمن الرحيم
الذي يجهل بأن لله الحق المطلق في الحكم والتشريع فهو يجهل بأن لله الأمر كما له الخلق
قال تعالى
إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
فقد استدل الله بربوبيته لإثبات ألوهيته
فمثلما الله هو الخالق كذلك هو الآمر
ومن كان يجهل ذلك فهو يجهل عبادة الله وحده لا شريك له ولا يمكنه أن يكون مسلماً
فالذي لا يعلم شيئاً لا يملك الإعتقاد فيه، ولا تحقيقه،
فإذا وُجد ناس لا يعلمون حقيقة الدين لم يعد من الممكن عقلاً وواقعاً وصفهم بأنهم على هذا الدين، فاعتقاد شئ فرع عن العلم به،
هذا منطق العقل والواقع، بل منطق البداهة الواضح، ولا يُتصور كيف أن جهل النـاس إبتداءً بحقيقة هذا الدين يجعلهم في دائرة هذا الدين
إن إعتقاد بحقيقة فرع عن معرفتها، فإذا جهل الناس حقيقة عقيدة فكيف يكونون معتنقين لها ؟ وكيف يحسبون من أهلها وهم لا يعرفون
إبتداءً مدلولها
انظر في ظلال سورة يوسف قوله تعالى : " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " و قوله تعالى : " ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك "
والأمر ينقسم الي : الأمر القدري والأمر الشرعي
فالأمر القدري الكوني كل بني البشر مستسلمين لله فيه من يهود ونصارى ومشركين الماضي والحاضر
ومن أمثال الأمر الكوني استسلام الإنسان للمرض والجوع والخوف والموت ومن الأمر الكوني تصريف الرياح وجريان الشمس والقمر وما إلي ذلك
و أنت ترى بأن بني البشر مستسلمين لهذا الأمر عن كره أو طوع فلا أحد يستطيع أن يتحكم في موته ومرضه وتصاريف الأمور من حوله،
فهذه الأوامر كل بني البشر عبيد لله فيها تحت قهره وسلطانه وأمره القدري
و أما أمر الله الشرعي فهنا يتبين من أستسلم لله وحده أو أشرك معه غيره أو أستكبر عن عبادته ابتداء
و أما أمر الله الشرعي فهنا يتبين من أستسلم لله وحده أو أشرك معه غيره أو أستكبر عن عبادته ابتداء
لأن الثقلين هنا مخيرين في الاتباع
قال تعالى:
وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ
وقال
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً
فمن استسلام لله وحده فهو المسلم ومن استسلم لله ولغيره فهذا هو المشرك الكفور سواء كان عن علم أو جهل فإن كان الأول فهو كافر معاند وإن كان الثاني فهو كافر جاهل
وهنا نستحضر قصة إبليس عليه لعنة الله فقد كان من أشد الخلق عبادة لله،
حتى أنه قيل عنه من كثرتعلمه وعبادته، أن الملائكة تسأله وتستشيره،
لكن مع كل هذا الإستسلام لله استكبر عن الانقياد لله في حكم واحد فقط، قف عندها وتأمل ـ ـ ـ
حكم واحد.....
انتظر لا تذهب للتي بعدها
لأن هذا الأمر، أي الاستسلام لله في جميع الأمور، هو قاعدة العبودية (*) التي لا يكون المرء مسلماً إلا بها والاستكبار أو عدم الانقياد لله و لو في حكم واحد هو الهدم الكلي لهذه القاعدة
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
فمن كان هذا حاله يوصف بوصف لا نظلمه فيه
فنقول: بأن الذي يستسلم لله في بعض الأمور ويستسلم لغير الله (للطواغيت وللأرباب ) في البعض الآخر فقد جعل لله نداً
أي هو لم يحقق الإسلام والإنقياد والإتباع لله وحده الذي جاءت به الرسل، بل مستسلم لله وللغيره فيكون مشركاً
و هذا الشخص مشرك سواء كان عن علم أو عن جهل
أو كان يعتقد بان هذا الشرك من القربات التي تقربه الي الله زلفى
كما كانت تفعل قريش بأصنامها وكما يفعل المشركون اليوم بقبورهم،
وكما يفعل إخوانهم بـ(طواغيتهم وأربابهم) سواء سموهم ولات أمور أو أعضاء برلمانات
فالعبر بالحقائق والمعاني وليس بالأسماء والمباني
فدعوة الناس اليوم للتوحيد الله في الحكم والتشريع
كدعوة اليهود والنصار لتوحيد الله في الحكم والتشريع في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم سواء
قال تعالى :
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ آل عمران٦٤
فقد اتخذوا بعضهم بعضاً أربابا من دون الله وذلك باتباعهم في ما شرعوه من دون الله،
كما قال عن من لم ينفي هذه الامور عن نفسه ولم يستسلم لله
اشهدوا بأنا مسلمون
وقال :
اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
فقد أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله وتغيير حكم الله،
وقال: وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً
فهل حقق كلٌّ منا هذا الأمر؟ و لم يكن مثل أبليس في استكباره عن هذا أو تُجُهِل هذا الأمر عن قصد أو غير قصد ؟؟
هل حقق كل منا ما طُلب منه وما خُلق من أجله، وما لأجله أرسلت الرسل وأنزلت الكتب، ونصبت الآيات في الأنفس و الآفاق لإثبات وحدانية الله
يجب تحقيق المطلوب و الإستسلام لله و ترك الإستسلام لغيره و هذا هو الإسلام الحق الذي أرسل الله به جميع رسله لا إسلام البطاقة وإسلام الورثة ؟؟
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولجميع من استسلام لله بالتوحيد وانقاد له بالطاعة وتبراء من الشرك وأهله.
ليست هناك تعليقات