هل تعلم (حقائق في أصل الدين)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
يا باغي الخير أقبل.
فنسأل الله أن يفقهك في أصل دينه الإسلام وأن ييسر لك كل خير.
فهذه المشاركة أُهديها لك أنت، نعم أنت، لعلها تجدُ في قلبك مكان فهيَ من القلب للقلب قبل أن تكون من القلم للأذن.
فنسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضه
أعلم أيها الصديق: بأن الله قد بعث جميع الأنبياء والمرسلين ( بلا إله إلا الله ) من عهد آدم عليه السلام الي خاتم الأنبياء والمرسلين
ومعناها الذي لا ريب فيه قوله تعالى
{ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ}
الاعراف آية رقم 59-65-73-85- وسورة هود آية رقم 50-61-84 وسورة المؤمنون آية رقم 23-32
وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}النحل 36
وقوله:
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }آل عمران64
فإسلامنا لله يعني أن نستسلم لله بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة
أن نستسلم له في جميع الأوامر، سواء الأمر بفعل شئ معين أو الأمر بترك شئ
لأن الأمر بعبادة الله وحده (هو التوحيد) والوقوع في ضده( التشريك) مناقض للأمر الأول ناهيك عن أن الله أمرنا باجتنابه وأنه لا يغفره ابدا.
وهنا نعلق قليلا على قول بعض الناس عندما تتكلم معهم عن الكفر والشرك يقول لك:
(بأن الله غفور رحيم وأنه يغفر الذنوب)
صحيح لكن لمن تاب من الشرك أو فيما دونه من المعاصي والذنوب والتقصير في الطاعات وترك المنهيات وهذا الأمر في المشيئة
ففي الشرك والكفر قال تعالي
{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ}
آيتين في سورة النساء 48 و 116
وقال
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً }النساء168
وفي الذنوب والمعاصي قال
{ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ }
آيتين في سورة النساء 48 و 116
وقال
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53
وقيل في هذه الآية أنه سبحانه يغفر حتى الشرك لمن تاب منه
وفي ما دون ذلك قال
{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا }
وقال
{يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}
فالذي لا يعرف الشرك ويجتنبه ولا يعرف التوحيد ويأتيه و يستدل بأن الله غفور رحيم هو من أغفل الغافلين ومن أجهل الجاهلين،
كالذي يستدل بأنه من أمة محمد لأنه يقول بلسانه فقط (لا إله إلا الله) ويظن بأن الله سيعذبه على بعض ذنوبه ويدخله الجنة كما فعلت اليهود
{وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة80
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }آل عمران24
أذن فلا إله إلا الله لها معاني ولها لوازم ولها مقتضى وشروط لا تنفع صاحبها إلا اذا علمها واعتقادها وعمل بها، ولها نواقض فلا بدا أن تفر منها.
**********
وهل تعلم يا صديقي بأن الناس اليوم قد حصروا الشرك بالله في الملل الأخرى من كفار قريش واليهود والنصارى مع أنهم لا يزالون متمسكين ببعض شرائع دينهم مثل قومنا.
أنتبه.
مع أنهم لا يزالون متمسكين ببعض شرائع دينهم مثل قومنا.
فعلى سبيل المثال
كانت قريش تعرف بأن الله هو الخالق والرازق والمحيي والمميت وأنه بيده ملكوت كل شيء وأنه الاله الأعظم وأنه رب البيت،
وقد نقل في الأثر بأن أبو جهل أستفتح في حرب بدر ودعاء الله وقال اللهم أنصر أحب الطائفتين إليك.
وما كانت قريش تهتم بالبيت الحرام وتعتمر وتسقي الحجيج وتكسوا الكعبة إلا لمرضات الله بل كانوا يشركون بالله بجعلهم الأصنام وسائط إلا لتقربهم الي الله زلفة،
إذ كانت عبدتهم للأصنام ليست عن الكفر المتعمد بالله بل كان عن جهل،
وكذلك اليهود والنصارى فلا يزالون يقولون لا إله إلا الله ولا يزالون يتنسكون ويتعبدون لله ويهتمون بكنائسهم ويحفظون التورات والانجيل ويُحفظونه لأبنائهم.
وما كان شرك النصارى إلا عن جهل فقد ضلوا في العبادة مع أنهم كانوا يريدون عبادة الله والتقرب إليه لكنهم ضلوا في الطريقة.
فنحن نقول بأن قريش قد كفروا وأشركوا بالله منذ ما تفشى الشرك فيهم من أول وهله
فقد جعلوا وسائط بينهم وبين الله المتمثلة في الاصنام بصرف العبادة له من دون الله
( الدعاء والخوف والرجاء والذبح والندر.............)
وقد أتخذوا الكهان والرجال أربابا وطواغيت، وقد عبدوهم من دون الله في تغير شرع الله وحكمه
( تغيير الأشهر الحرام وتحريم بعض الدواب من الركوب عليها وتحليل أكلها للبعض وتحريمه على البعض الأخر، وفي الحكم بينهم بالعادات والتقاليد وبأحكام الكهان..............)
وقد والوا على هذا الدين وعادوا عليه ويقولون هذا هو دين إبراهيم.
فهل نقول بأن الأصل فيهم الإسلام إلا من ثبت كفره لان أجدادهم كانوا مسلمين، أو نقول الفعل كفر ولكنهم ليسوا كفارا أو نقول من فعل الكفر فهو كافر ومن لم نرى منه الكفر فهو مسلم لأنهم يزعمون بأنهم أتباع دين سيدنا إبراهيم!!؟؟
لا يقول هذا الكلام من عرف ملة إبراهيم
وقد عبدت اليهود والنصارى المسيح والعزير، وقد صرفوا له العبادة
(من شعائر ونسك)
وقد أتخذوا علمائهم وعبادهم أربابا وطواغيت يشرعون لهم من الدين مالم يأذن به الله
فقد حللوا الحرام وحرموا الحلال وغيروا الأحكام فلهذا قال الله فيهم
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }آل عمران64
وقال
{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }التوبة31
وقال
{وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران80
وقد والوا على هذا الدين وعادوا عليه بل ويدعون الناس إليه لظنهم أنه هو الدين الحق وأنهم من أتباع نبينا إبراهيم عليه السلام.
فهل نقول بأن فيهم من يريد أن يقيم دين سيدنا موسى وعيسى، وأنهم يصلون ويصيمون ويحجون فلا يجوز تكفيرهم، أو نقول عنهم بالعموم كفار ولكن على التعيين فلا لأن الله قال{لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ }
أو نقول بأن الأصل فيهم الإسلام لأنهم على دين سيدنا موسى وعيسى ومن ثبت كفره فهو كافر،
لا يقول بهذا عاقل.
فهل تقول الأن بأعلى صوتك بعد إن علمت هذا، أن من قال لا إله إلا الله ولم يعرف ويعتقد معناها ولم يعمل بمقتضاها ولم يتبرا من الشرك وأهله فهو كافر مشرك يقاتل حتى يعمل بما دلت عليه من النفي والإثبات[1]
سواء كانوا يهود أو نصارى أو العرب في الماضي والحاضر، وسواء كانوا أفرادا أو طوائف أو أمة من الأمم وإن كان فيهم من يكتم إسلامه، لان الأحكام تجري على الظاهر والله يتوالى السرائر.
فهل تقول الأن أنه من أشرك بالله الشرك الأكبر ووقع في أحدى المكفرات المتفق عليه فهو مشرك كافر سواء كانوا أفرادا أو طوائف أو أمة من الأمم وإن تمسكوا ببعض شعائر الدين كاليهود والنصارى ومشركين قريش
أم عندك أدلة غير هذه، أو تقول نكتفي بما ألفينا عليه أباءنا من بقايا دين محمد صلى الله عليه وسلم!؟
فمن يرد أن ينجى من كفر الزيغ والضلال ولا يقع في كفر الإباء والاستكبار بعد هذا العلم
يجب عليه أن يقارن هذه الامم المشرك الكافرة بما عليه قومه الأن
يقارن ويزن هذا الشرك المنتشر في الأقوام التي مضت هل من قومه نصيب منه
أم أنهم قد تبروا من جميع الشرك والكفر وعبدوا الله مخلصين له الدين
فنحن لو نظرنا الي هذه الشعوب العربية وهذه الاقوام التي تدعي أنه على دين الاسلام
فسنجدها لا تملك من دعوة الأنبياء والمرسلين إلا اللفظ المتمثل في قول
( لا إله إلا الله) فقط
لا يوجد معناها ولا لوازمها ولا شروطها ولا مقتضاها
لا يوجد نفي العبادة عما سوى الله وإثباتها لله وحده
لا يوجد نفي الارباب والطواغيت والالهة والأنداد
فستجد بأنهم قد تفشى فيهم شرك الشعائر والنسك
فتجدهم يصرفون للأولياء والقبور العبادة من دون الله المتمثلة في
( الذبح والندر والخوف والرجاء والطواف واعتقاد النفع والضر من غير الله و.......)
ولو نظرت الي تشريعاتهم وقوانينهم وأحكامهم لوجدتها من الارباب والطواغيت
المتمثلين في
(الرؤساء والملوك وأعضاء ونواب البرلمانات ورؤساء القبائل والمشيخة والهواء المتبع......)
ولو نظرت الي ولائهم وبرائهم لوجدتهم يوالون ويعادون على أديان جديدة
( الديمقراطية والعلمانية واللبرالية والوطنية والمواطنة والعروبة والجنس
والقبلية والأحزاب العلمانية والأخرى ذات الصبغة الشرعية كما يزعمون والأندية الرياضية والالهة الجديدة[2] (الاعلام والرايات المعظمة من دون الله)
هذا واقع العرب اليوم فقد تفشى فيهم جميع أنواع الكفر والشرك والإلحاد
ثم تجد الجماعات المنتسبة بالأسم للإسلام يرقعون لهذه الشعوب،
لماذا
لانهم لم يفهموا حقيقة الدين ويكتفوا بالتمسك بشعائر الدين فقط من صلاة وصيام وقيام وإفشاء السلام
لكن هل للإسلام معنى يجبُ أن يتوفر في قائلها
فالجوابُ لا
هل لكلمة التوحيد حقيقة يجب لمن قالها أن يعرفها
فالجواب لا
وهل شرطا للدخول الإسلام ترك الشرك
فذلك لا
وهل من يريد أن يستمسك بالعروة الوثقى أن يكفر بالطاغوت باللفظ نعم وبالمعنى والحقيقة
فذلك لا
ودليل ذلك تجد بأن هذه الجماعات نفسها تقع في نواقض الإسلام من التحاكم للطاغوت وعدم البراءة من اهله.
فتجد هذه الجماعات قد اختلفوا فيما بينهم في حقيقة الكفر بالطاغوت فمنهم من جعل الكفر بالطاغوت تكفير الحكام فقط والاعتقاد بردتهم[3] وجهادهم فقط، ويجعلون تكفير المشركين مسألة تُعلم من الشرع وليس من الأصل
وقيدوها باجتماع شروط وانتفاع موانع ومنهم من قيدها بقيام الحجة ومنهم من قيدها بالتفريق بين الفعل والفاعل، ومنهم من جعل الاختلاف في تكفيرهم كالاختلاف في تكفير المنافقين فالمنافقين يظهرون الإسلام للبعض ويظهرون الكفر للبعض الأخر،
ومنهم من لا يعذر بالجهل ولكن لا يُكفر من عذر،
ومنهم من يعذر بالتأويل ومنهم من جعل التحاكم لطاغوت لضرورة ومنهم من تحاكم للطاغوت بسبب دفع المفاسد وجلب المصالح ومنهم من أجاز التحاكم للطاغوت في ظل عدم وجود محاكم إسلامية،
ومنهم من لا يتحاكم للطاغوت ولكنه لا يكفر إخوانه الذين تحاكموا لطاغوت بسبب عبادتهم للأرباب الذين أفتوا لهم بجواز ذلك، ومنهم ومنهم.....)
ومع كل هذا الاختلاف التضاد فهم إخوان يجاهدون مع بعض ويحكمون بإسلام بعضهم وكأن مسألة الكفر بالطاغوت مسألة فيه سعه والاختلاف فيها اختلاف تنوع لا يفسد للود قضية.
وتجد بعضهم ممن كان يجهل أصلا بأنه يوجد شيء أسمه الكفر بالطاغوت والأيمان بالله والذي هو معنى لا إله إلا الله وقد عرف بأن هذا الامر أول ما يؤمر به العبد
تجده قبل أن يعرف ذلك، يعتقد في نفسه أنه مسلم وبعد أن تثقف قليل في أصل الدين فهو مسلم لم تزد عليه هذه المعلومات التي جهلها شيئا فلسان حاله ومقاله كأنه كان يجهل مسألة المسح على الخفين ثم علمها.
***********************
وهل تعلم يا صديقي بأن الذي يريد الدخول في دين الأنبياء والمرسلين يجب عليه قبل أن يعبد الله أن يتبرا من ثلاث اشياء
من الالهة الباطلة ومن دينها الباطل ومن أهلها الذين يعبدونها
هذا كله من معنى لا إله قبل إلا الله
هذا كله من معنى {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن صفة الكفر بالطاغوت
" أما صفة الكفر بالطاغوت ، أن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها ، وتكفر أهلها وتعاديهم وتبغضهم "مجموع التوحيد ص 12
فالله في كتابه الكريم أحيانا يذكر البراءة من الالهة الباطلة وأحيانا يذكر البراءة من عبادتها ودينها وأحيانا يذكر البراءة من المشركين وأحيانا يقرنها ببعضها وكلها مستلزمه لبعضها.
قال تعالى
قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ }الممتحنة4
وفي ذلك يقول الشيخ حمد بن عتيق ما نصه:
( وها هنا نكتة بديعة في قوله تعالى : ﴿ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ وهي أن الله تعالى قدم البراءة من المشركين العابدين لغير الله على البراءة من الأوثان المعبودة من دون الله لأن الأول أهم من الثاني،
فإنه يتبرأ من الأوثان ولا يتبرأ ممن عبدها فلان يكون آتياً بالواجب عليه ، وأما إذا تبرأ من المشركين فإن هذا يستلزم البراءة من معبوداتهم،
وهذا كقوله تعالى : ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ فقدم اعتزالهم على إعتزال معبوداتهم وكذا قوله تعالى : ﴿ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ فعليك بهذه النكتة فإنها تفتح لك باباً إلى عداوة أعداء الله ، فكم من أنسان لا يقع منه الشرك ولكنه لا يعادي أهله " أى لا يتبرأ منهم " فلا يكون مسلماً بذلك إذ ترك دين جميع المرسلين )انتهى كلامه.
وقال أحد علماء المعاصرين يسر الله له طريق الهداية: في آية الممتحنة: ( حتى بمعنى الي أن، فما قبل حتى مستمر حتى يتحقق ما بعد حتى فإن لم يتحقق فالوصف الذي ما قبل حتى باقي على حاله).
وقوله تعالى
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ*لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ*وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ*وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ*وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ*لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} الكافرون
يقول ابن تيمية رحمه الله :
(فهذا موضع عظيم جداَ ينبغي معرفته لما قد لبس على طوائف من الناس أصل الإسلام حتى صاروا يدخلون في أمور عظيمة هي شرك ينافي الإسلام لا يحسبونها شركاً، فأدخلوا في التوحيد أمورا باطلة ظنوها من التوحيد وهي تنافيه،
وأخرجوا من الإسلام والتوحيد أموراًَ لم يظنوها من التوحيد ، وهي أصلهِ فأكثر هؤلاء المتكلمين لا يجعلون التوحيد إلا ما يتعلق بالقول أو الرأي واعتقاد ذلك دون ما يتعلق بالعمل والإرادة واعتقاد ذلك، بل التوحيد الذي لابد منه لا يكون إلا بتوحيد الإرادة والقصد وهو توحيد العبادة وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، أن يقصد الله بالعبادة ويريده بذلك دون ما سواه وهذا هو الإسلام ، فإن الإسلام يتضمن فصلين :
أحدهما : الإستسلام لله .
والثاني : أن يكون ذلك له سالماً فلا يشركه أحد فى الإسلام له وهذا هو الاستسلام لله دون من سواه .
وسورة : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون َ تفسر ذلك ، ولاريب أن العمل والقصد مسبوق بالعلم فلابد ان يعلم أن لا إله إلا الله، وأما التوحيد القولي الذي هو الخبر عن الله ففي سورة الإخلاص ) الفتاوي ج 5 ص 138
ويقول ابن تيمية عن هذا التوحيد بنوعيه
(فبين سبحانه أنه بهذا التوحيد بعث جميع الرسل وأنه بعث إلى كل أمة رسولاًَ به ، وهذا هو الإسلام الذي لا يقبل الله – لا من الأولين ولا من الآخرين – ديناً غيره ) الفتاوي 128
ويقول ابن تيمية في أنواع التوحيد
( وسورة قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فيها التوحيد القصدي العملي كما قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ... لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين ِ
وبهذا يتميز من يعبد الله ممن يعبد غيره ، وأن كان كل واحد منهما يقر بأن الله رب كل شيء ومليكه ، ويتميٌز عباد الله المخلصون الذين لم يعبدوا إلا إيٌاه ممن عبدوا غيره وأشركوا به، أو نظروا إلى القدر الشامل فسووا بين المؤمنين والكفار ،كما كان يفعل المشركون من العرب ، ولهذا قال عليه السلام : (أنها براءة من الشرك ) " اقتضى الصراط المستقيم[4]
فعلى سبيل المثال من كان في قوم نوح فعليه أن يعتقد بأن الاولياء الصالحين المتمثلين في
(ود وسواع ويعوق ويغوث ونسرا)
لا يملكون من الأمر شيء ولا ينفعون ولا يضرون وإن عبادتهم باطلة وإن العبادة التي صرفت لهم شرك
وأنه كان على باطل قبل أن يدعوه نوح لعبادة الله وأن قومه الذين يعبدون الله ويعبدون معه هذه الأصنام كفار مشركون
وأن الله هو الاله الحق المستحق للعبادة وإن الإسلام لله هو الدين الذي يحبه الله ويرضه وأن من أمن معه فهو المسلم الذي يجب أن يواليه،
وقومه الذين لا يزالون على الشرك هم من يتبرا منهم ويعاديهم وإن تمسكوا ببعض دين سيدنا أدم عليه السلام، حتى يؤمنوا بالله وحده ويفعلوا كما فعل.
وكذلك كفار قريش يجب على القرشي لكي يدخل في دين محمد صلى الله عليه وسلم أن يعتقد بأن اللات والعزة وهبل وطواغيت قريش ليس لهم من الأمر شئ وإن عبادتهم باطلة وإن العبادة التي تصرف لهم باطلة وشرك
وإن قومه مشركين حتى يؤمنوا بالله وحده
وكذلك الأن أقوامنا ومن يرد منهم الدخول في الإسلام يجب عليه بأن يعتقد بأن هؤلاء الطواغيت والأرباب[5] المتمثلين في الرؤساء والملوك ومشيخة القبائل والدين من علماء السوء الذين يحللون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله ويغيرون حكم الله ويدعون الناس لعبادتهم والدخول في طاعتهم
أنهم ليس لهم من الأمر شئ وأنهم قد عُبدوا من دون الله وأن عبادتهم باطلة وأن العبادة التي صرفت لهم شرك وكفر وإن الأنظمة التي يدعون الناس للدخول فيه أنظمة طاغوتيه مبنية على عبادة الناس بعضهم للبعض وعلى حرية الاعتقاد والحكم والتشريع للشعب وليس لله وأن هؤلاء القوم مشركون حتى يؤمنوا بالله وحده
ومشركون أيضا بالله في الشعائر والنسك المتمثلة في عبادة القبور والإضراح التي يُعتقد فيه النفع والضر والخوف والرجاء من دون الله، وهذه القبور منتشرة في العالم العربية إنتشار النار في الهشيم
حتى أنك تجد بين كل قبر وقبر, قبر[6] أخر بل تجدهم قد أسموها بالأماكن المقدسة وبالتراث الاسلامية ليلبسوا على الناس الحق بالباطل حتى أصبح من يريد أن يغير هذا الباطل أصبح من أهل شدود والتطرف والطرف الأخر وسطي معتدل.
فلا إسلام لهم حتى يؤمنوا بالله وحده بالقول والعمل والاعتقاد
يؤمنوا بأنه هو الاله الحق وحده المستحق للعبادة الذي له الحق المطلق في الحكم والتشريع بين عباده بما يريد وكيفما يريد وأن دينه ومناهجه القويم هو الاسلام
هو الدين الذي يحبه الله ويرضه وأن يوالي في الله ويبغض[7] في الله
هذا هو أصل دين الاسلام الذي قال عنه
الشيخ محمد بن عبد الوهاب إمام الدعوة والداعي إلى الملة الحنفية:
أصل دين الإسلام وقاعدته أمران :
الأول : الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له والتحريض على ذلك والموالاة فيه وتكفير من تركه.
الثاني : الإنذار عن الشرك في عبادة الله والتغليظ في ذلك والمعاداة فيه وتكفير من فعله.
وأستدلة بآية سورة الممتحنة.
ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن في شرحه لهذا الأصل " أصل الدين" :
"وأدلة هذا في القرآن أكثر من أن تحصر كقوله تعالى : ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [ سورة آل عمران 3/64]
الآية أمر الله نبيه أن يدعو أهل الكتاب إلى معنى لا إله إلا الله ... حتى قال : " وفيه معنى إلا الله " وهذا هو توحيد العبادة وهو دعوة الرسل إذ قالوا لقومهم : ﴿ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ فلابد من نفي الشرك في العبادة رأساً والبراءة منه وممن فعله كما قال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام : ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ...﴾ الآية ،
فلابد من البراءة من عبادة ما كان يعبد من دون الله ، وقال عنه عليه السلام:
قال تعالى : ﴿ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾
فيجب إعتزال الشرك وأهله بالبراءة منهما كما صرح به في قوله تعالى : ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شيء رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [سورة الممتحنة 60/4]
وهذه الآية تتضمن جميع ما ذكره شيخنا رحمه الله من التحريض على التوحيد ونفي الشرك، والموالاة لأهل التوحيد وتكفير من تركه بفعل الشرك المنافي له، فإن من فعل الشرك فقد ترك التوحيد.. فإنهما ضدان لا يجتمعان ..
فمتى وجد الشرك انتفى التوحيد وقد قال تعالى في حق من أشرك : ﴿ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ﴾ [سورة الزمر 39/8] .
فكفره الله تعالى باتخاذ الأنداد وهم الشركاء في العبادة وأمثال هذه الآيات كثير فلا يكون المرء موحداً إلا بنفي الشرك والبراءة منه وتكفير من فعله[8]) انتهى. شرح اصل الدين لعبد الرحمن بن حسن مجموع التوحيد
وهل تعلم بأنك إن لم تكن تعلم هذه العقيدة علم اليقين وتعتقدها وتدين لله به وتعمل به فإنك لست في دين الإسلام ولست من أتباع سيدنا محمد وإن غرك شيطانك وأخذتك العزة بالأتم.
فسارع الي الدخول في الإسلام قبل فوات الأوان وقبل ما تقول رب أرجعون لعلى أعمل صالحا فيما تركت
وسامحني يا صديقي إن كنت قد شددت عليك في الكلام فأني لا أحب أن أغشك فلعلي أهزك قليلا فتتفطن لهذه الحقائق،
وأنصحك بالبحث والتعلم في أمور العقيدة مع التضرع وطلب الهداية من الله، وأنصحك بقراءة كتاب الأسئلة والأجوبة المفيدة في التوحيد والعقيدة فإنه كتاب قيم يتكلم عن التوحيد بتأصيل شرعي مع ربطه بالواقع،
وكتاب ما هو الطاغوت وكيف نكفر به. أنصحك بموقع مكتبة أنوار التوحيد. وموقع التوحيد الخالص فإن فيهما كتب ورسائل قيمة
والسلام على من اتبع الهدى.
كتبه العبد الفقير الى الله: إبن عمر الليبي
______________________________
[1]ذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب الأجماع على ذلك في كتاب فتح المجيد، ويمكنك أن تراجع رسالة غرس اليقين في قلوب الموحدين فإن فيها نقل أكثر من خمسين أجمع على تكفير المشركين وإن قالوا لا إله إلا الله.
[2]- قال ابن تيمية رحمه الله في الإله: كل ما يألههُ القلب محبةً وإجلالاً وتعظيماً. رسالة العبودية
[3] ويا ليت شعري من يقول لي متى كان هؤلاء الطواغيت يدينون بالإسلام لكي نقول عليهم مرتدون
[4] كلام ابن تيمية منقول من رسالة البراءة عصمة الموحدين رسالة قيمة ننصح بقراءتها-
[5]- قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أحدى رسائله في تعريف الارباب: كل من أفتاك بمخالفة الحق وأطعته
[6] فعلى سبيل المثال لا الحصر يقال بأن مدينة بنغازي (بني غازي) سميت بهذا الأسم نسيةً للقبر غازي، وإن في كل منطقة من مناطق بنغازي قبرا،
بل تجد بأن المناطق السكنية مسمى بأصحاب القبور(فمنطقة سيدى يونس ومنطقة سيدي خريبيش ومنطقة سيدي خليفة ومنطقة بوفاخرة والي مالا نهاية وهذا الامر موجود في أغلب دولة المليار مشرك،
فمزار شريف أسم مدينة في افغانستان يوجد به قبر سميت المدينة من أجله، و يدّعون المشركين أنه لعلي ابن أبي طالب وقد قامت حركة طالبان بالأشراف على الحجيج وتنظيم تعبدهم لانها حركة صوفية ولان الزوار بالألف -
[7] "- يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب :- وكثير من الناس من وحَد الله وترك الشرك ، ولم يتبرأ من المشركين ، فهذا لم يأت بما دلت عليه لا إله إلا الله
ومنهم من وحد الله وترك الشرك وأبغض المشركين وعاداهم ولكن لم يكفرهم فهذا كالذي قبله لم يرفع رأساً بما دلت عليه لا إله إلا الله وهو كالأنعام بل أضل سبيلاًـ .
ويقول الشيخ في موضع آخر عنه :
ومنهم من عاداهم ولم يكفرهم ، فهدا النوع أيضاً لم يأت بما دلت عليه لا إله إلا الله من نفي الشرك وما تقتضيه من تكفير من فعله " .
[8]- لاحظ أن هناك من يقول أن المرء يكون موحداً إذا نفى الشرك وتبرأ منه وإن لم يكفر فاعله!!! وبأسلوب آخر أن المرء يستقيم له الإسلام ويتحقق عنده الإيمان إذا تبرأ من الشرك وإن أسلم فاعله !! أي أدخل فاعله في الإسلام
ليست هناك تعليقات