الطاغوت عام في كل من تجاوز حد العبودية وادعى خاصية من خصائص الربوبية أو الإلهية، والطاغوت ليس محصورا في النوع الذي ذكره ابن عباس رضي الله عنهما، ولا في الرؤوس الخمسة التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، بل هي "كثيرة" ورؤوسها خمسة، فهو "أي ابن عباس رضي الله عنهما" لم يذكر "التعريف والحد" بل ذكر النوع والمثال فقط.
فمن [{("أنواع")}] الطواغيت: الشيطان والمبدل لأحكام الله والحاكم بغير ما أنزل الله والساحر والكاهن والأصنام والأوثان والذي يدعي علم الغيب، فمن نهج السلف في تفسير القران أنهم يضربون الأمثال، وهذا كما بينا من باب ذكر النوع وليس من باب التعريف والحد، والأنواع تدخل ضمنين في التعريف، كما يقول البعض جنس الطاغوت وأفراد الطاغوت، تعريف العبادة أو جنس العبادة وأفراد العبادة كالصلاة والصيام وغيرها، فهل نقول بأن الصلاة هي العبادة فقط، أم نوع وفرد من أفرادها، فافهم هذا جيدا هداك الله.
وكذلك قد ذكر في بعض أسباب النزول بأن من الطواغيت -كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب والأصنام، وطبعا كما تعرف بأن من أهم وأول قواعد التفسير: [العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب].
وأما غير ذلك فسينزل في حقنا قول أحد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، عندما سأله أحدهم عن أحدى الآيات: فقال الرجل: {ذلك في بني اسرائيل؟ قال: نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل، إن كانت لهم كل مرة ولكم كل حلوة! كلا والله، لتسلكن طريقهم قدى (قدر) الشراك، وفي رواية والذي نفسي بيده حتى تحذوا السنة بالسنة حذو القذة بالقذة}.
وقد تنوعت تعريفات السلف في تعريف الطاغوت وكلها تصب في معنى واحد كما ذكرت لك، ومن هذه التعريفات:- ابن جرير إذ قال: (والصواب من القول عندي في "الطاغوت"؛ أنه كل ذي طغيان على الله، فعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، إنسانا كان ذلك المعبود، أو شيطانا، أو وثنا، أو صنما، أو كائنا ما كان من شيء). وقال ابن تيمية: (فالمعبود من دون الله إذا لم يكن كارهاً لذلك طاغوت، ولهذا سمى النبي صلى الله عليه وسلم الأصنام طواغيت في الحديث الصحيح لما قال: " ويتبع من يعبد الطواغيت الطواغيت "، والمطاع في معصية الله، والمطاع في إتباع غير الهدى ودين الحق) إلى أن قال: (ولهذا سُمي من تحوكم إليه ممن حاكم بغير كتاب الله طاغوت، وسمى الله فرعون وعاداً طغاة). وقال ابن القيم: (الطاغوت: كل ما تجاوز به العبدُ حدَّه من معبود أو متبوع أو مطاع ٍ، فطاغوت كل قوم ٍ من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله، فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول إلى التحاكم إلى الطاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته).
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: (الطاغوت عام: فكُل ما عُبد من دون الله ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مُطاع في غير طاعة الله ورسوله فهو طاغوت، والطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة.....)
وقال حامد الفقي في تعليقه على كتاب التوحيد: (الذي يستخلص من كلام السلف رضي الله عنهم: أن الطاغوت كل ما صَرَف العبد وصدّه عن عبادة الله وإخلاص الدين والطاعة لله ولرسوله، سواء في ذلك الشيطان من الجن والشيطان من الإنس والأشجار والأحجار وغيرها. ويدخل في ذلك بلا شك: الحكم بالقوانين الأجنبية عن الإسلام وشرائعه وغيرها من كل ما وضعه الإنسان ليحكم به في الدماء والفروج والأموال، وليُبطل بها شرائع الله من إقامة الحدود وتحريم الربا والزنا والخمر ونحو ذلك مما أخذت هذه القوانين تحللها وتحميها بنفوذها ومنفذيها، والقوانين نفسها طواغيت، وواضعوها ومروّجوها طواغيت، وأمثالها من كل كتاب وضعه العقل البشري ليصرف عن الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم إما قصداً أو عن غير قصد من واضعه، فهو طاغوت)
ليست هناك تعليقات