القول الذي ابتدعه ابن تيمية بأن أحمد لم يكفر أئمة الجهمية
القول الذي ابتدعه ابن تيمية بأن أحمد لم يكفر أئمة الجهمية، ومنهم: المأمون. عبث، لا يفيد المرجئة تشبثهم به.
فالمأمون جهمي، بل من كبار أئمة الجهمية، والجهمية كفار بإجماع السلف، فقد أجمعوا على أنهم لا ينكحون، ولا يورثون، ولا يصلى خلفهم، ولا يعاد مرضاهم، ولا تشهد جنائزهم، وكانوا يقولون: إن كفرهم أعظم من كفر اليهود، والنصارى.
قال سلام بن أبي مطيع: "الجهمية كفار؛ لا يصلى خلفهم"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 9)
وقال خارجة بن مصعب: "الجهمية كفار؛ بلغوا نساءهم أنهن طوالق، وأنهن لا يحللن لأزواجهن؛ لا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 10)
وقال سفيان الثوري: "من زعم أن قول الله عز وجل {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} مخلوق؛ فهو كافر زنديق حلال الدم"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 12)
وقال عبدالله بن أحمد: "سمعت الحسن بن عيسى؛ يقول: «الجهمية، ومن يشك في كفر الجهمية؟ ومن يشك في كفر الجهمية؟»"اهـ (السنة 16)
وقال: "سمعت أبي رحمه الله؛ يقول: «من قال: القرآن مخلوق؛ فهو عندنا كافر»"اهـ (السنة 1)
وقال عبدالله بن المبارك: "إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 23)
وقال سفيان بن عيينة: "القرآن كلام الله عز وجل؛ من قال: مخلوق. فهو كافر، ومن شك في كفره؛ فهو كافر"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 25)
وقال الفضل بن الصباح السمسار: "كنت عند عبدالله بن إدريس رحمه الله؛ فسأله بعض أصحاب الحديث ممن كان معنا؛ فقال: ما تقول في الجهمية يصلى خلفهم؟ قال الفضل: ثم اشتغلت أكلم إنساناً بشيء؛ فلم أفهم ما رد عليه ابن إدريس؛ فقلت للذي سأله: ما قال لك؟ فقال: قال لي: «أمسلمون هؤلاء، لا، ولا كرامة؛ لا يصلى خلفهم»"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 27)
وسئل وكيع عن ذبائح الجهمية؛ فقال: «لا تؤكل؛ هم مرتدون»"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 38)
وقال فطر بن حماد: "سألت حماد بن زيد؛ فقلت: يا أبا إسماعيل؛ لنا إمام يقول: القرآن مخلوق؛ أصلي خلفه؟ قال: «صل خلف مسلم أحب إلي"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 42)
وقال الليث بن سعد: "من قال القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن لم يقل: هو كافر؛ فهو كافر"اهـ (الانتصار 2/552)
وقال داود بن الحسين البيهقي: "سألت سلمة بن شبيب؛ عن عِلْم الحلواني؛ فقال: يرمى في الحش. قال سلمة: من لم يشهد بكفر الكافر؛ فهو كافر"اهـ (تاريخ بغداد 8/351)
قلت: والحسن بن علي الحلواني؛ كان يقول: "إني لا أكفر من وقف في القرآن".
وقال يحيى بن خلف المقرئ: "أتيت الكوفة فلقيت أبا بكر بن عياش؛ فسألته: ما تقول في من قال: القرآن مخلوق؟ فقال: كافر، وكل من لم يقل: إنه كافر؛ فهو كافر. ثم قال: أيُشك في اليهودي والنصراني؛ أنهما كافران؟ فمن شك في هؤلاء أنهم كفار؛ فهو كافر، والذي يقول: القرآن مخلوق. مثلهما"اهـ (السنة لحرب الكرماني 375)
وقال: "كنت عند مالك بن أنس سنة ثمان وستين؛ فأتاه رجل فقال: يا أبا عبدالله ما تقول فيمن يقول: القرآن مخلوق؟ قال: «كافر زنديق؛ اقتلوه». قال: إنما أحكي كلاماً سمعته. قال: «لم أسمعه من أحد؛ إنما سمعته منك». قال أبو محمد: فغلظ ذلك علي؛ فقدمت مصر فلقيت الليث بن سعد؛ فقلت: يا أبا الحارث ما تقول فيمن قال: القرآن مخلوق؟ وحكيت له الكلام الذي كان عند مالك, فقال: «كافر». فلقيت ابن لهيعة؛ فقلت له مثل ما قلت لليث بن سعد، وحكيت له الكلام؛ فقال: «كافر»"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 412)
وقال محمد بن يحيى العدني: "من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن وقف؛ فهو شر ممن قال مخلوق؛ لا يصلى خلفهم، ولا يناكحون، ولا يكلمون، ولا تشهد جنائزهم، ولا يعاد مرضاهم"اهـ (أصول الاعتقاد 359)
وقال عبدالله بن إدريس: "(الجهمية) لا يصلى خلفهم، ولا يناكحون"اهـ (خلق أفعال العباد 1/39)
وقال يزيد بن هارون: "من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن لم يكفره؛ فهو كافر، ومن شك في كفره؛ فهو كافر"اهـ (الإبانة 257)
وقال عبدالوهاب الوراق: "الجهمية كفار زنادقة مشركون"اهـ (الإبانة 316)
وقال زهير بن حرب: "من زعم أن القرآن كلام الله مخلوق؛ فهو كافر، ومن شك في كفره؛ فهو كافر"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 430)
وقال سهل التستري: "من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر بالربوبية؛ لا كافر بالنعمة"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 469)
وقال عبدالله بن نافع الصايغ: "قلت لمالك بن أنس: إن قوماً بالعراق؛ يقولون: القرآن مخلوق. فنتر يده عن يدي؛ فلم يكلمني الظهر ولا العصر ولا المغرب؛ فلما كان العشاء الآخرة؛ قال لي: يا عبدالله بن نافع؛ من أين لك هذا الكلام؟ ألقيت في قلبي شيئاً هو الكفر؛ صاحب هذا الكلام يقتل، ولا يستتاب"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 496)
وقال عبدالله بن المبارك: "سمعت الناس منذ تسع وأربعين سنة؛ يقولون: من قال: القرآن مخلوق. فامرأته طالق ثلاثاً بتة؛ لأن امرأته مسلمة, والمسلمة لا تكون تحت كافر"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 515)
وقال أبو الوليد الطيالسي: "من قال القرآن مخلوق. يفرق بينه، وبين امرأته؛ بمنزلة المرتد"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 516)
وقال عبدالرحمن بن عمر رسته: "سمعت عبدالرحمن بن مهدي، وسألته عن الصلاة خلف أصحاب الأهواء؛ فقال: «نعم؛ لا يصلي خلف هؤلاء الصنفين: الجهمية والروافض؛ فإن الجهمية كفار بكتاب الله»"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 518)
وقال محمد بن حمدان الطرائفي: "سألت الربيع بن سليمان عن القرآن؛ فقال: «كلام الله غير مخلوق, فمن قال غير هذا؛ فإن مرض فلا تعودوه, وإن مات فلا تشهدوا جنازته, كافر بالله العظيم»"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 520)
وقال أحمد بن حنبل: "من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن شك في كفره؛ فهو كافر"اهـ (طبقات الحنابلة 1/173)
وفي كتاب ]الرد على الجهمية[ للدارمي: باب (الاحتجاج في إكفار الجهمية) وباب (قتل الزنادقة والجهمية واستتابتهم من كفرهم).
قال حرب الكرماني: "والقرآن كلام الله؛ تكلم به؛ ليس بمخلوق؛ فمن زعم أن القرآن مخلوق؛ فهو جهمي كافر. ومن زعم أن القرآن كلام الله، ووقف، ولم يقل: ليس بمخلوق. فهو أكفر من الأول، وأخبث قولاً. ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن، وتلاوتنا له؛ مخلوقة،
والقرآن كلام الله؛ فهو جهمي خبيث مبتدع. ومن لم يكفر هؤلاء القوم، والجهمية كلهم؛ فهو مثلهم"اهـ (السنة 66 - 67 - 68 - 69)
وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي وأبا زرعة؛ عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين, وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار, وما يعتقدان من ذلك؛ فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً وشاماً ويمناً؛ فكان من مذهبهم: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص, والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته .. ومن زعم أن القرآن مخلوق؛ فهو كافر بالله العظيم كفراً ينقل عن الملة. ومن شك في كفره - ممن يفهم - فهو كافر"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 321)
وقال ابن بطة: "ونحن الآن ذاكرون شرح السنة، ووصفها، مما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام، وسائر الأمة، منذ بعث الله نبيه صلى اللَّه عليه وسلم، إلى وقتنا هذا .. من قال: مخلوق، أو قال: كلام الله، ووقف، أو شك، أو قال بلسانه، وأضمره في نفسه، فهو كافر بالله حلال الدم، بريء من الله، والله منه بريء، ومن شك في كفره، ووقف عن تكفيره، فهو كافر"اهـ (الشرح والإبانة 251)
لذا كان أحمد لا يصحح ولايتهم، فقد سئل عن امرأة لا ولي لها؟ فقال: وليها السلطان. فقيل له: تقول السلطان، ونحن على ما ترى اليوم؟ فقال: "أنا لم أقل: على ما نرى اليوم. إنما قلت: السلطان"اهـ (الأحكام السلطانية ص 20)
أي أن الذي يتسلط على المسلمين اليوم كافر، والكافر لا يكون ولياً للمسلمة، فأخبرهم أنه إنما قال: السلطان. على سبيل الفتوى العامة، لا أنه يريد هؤلاء الذين يملكون اليوم، كيف وهو يكفرهم؟!
وقد قال أبو طالب: "قلت لأبي عبدالله: إنهم مروا بطرسوس بقبر رجل، فقال أهل طرسوس: الكافر، لا رحمه الله. فقال أبو عبدالله: «نعم، فلا رحمه الله، هذا الذي أسس هذا، وجاء بهذا»"اهـ (السنة للخلال 1708) والمأمون دفن بها، فإنه لا يعرف خليفة دفن بطرسوس غيره، وقد أقرهم على تكفيره، ذاكراً أنه هو الذي أسس مذهب الجهمية.
وقال أبو الفتح بن منيع: "سمعت جدي، يقول: كان أحمد إذا ذكر المأمون، قال: (كان لا مأمون)"اهـ (الأحكام السلطانية ص 20)
أما اشتراط المرجئة نصاً خاصاً في تكفيره، فهذا من الجهل والسفه، فإن كل جهمي كافر كما أن كل نصراني كافر، ولا يقال: نريد نصاً في تكفير فلان النصراني!. وقد كفر أحمد، ابن أبي دؤاد، ولم يكن إلا أداة من أدواتهم، وداعياً من دعاتهم، فكيف بالسلطان الذي يؤزه على ذلك أزاً، ويدعمه، ويحميه؟! فلولا المأمون ومن معه، ما راح ابن أبي دؤاد، ولا جاء، قال الحسن بن ثواب المخرمي: "قلت لأحمد بن حنبل: ابن أبي دؤاد؟ قال: «كافر بالله العظيم»"اهـ (السنة للخلال 1757)
هذا وقد أضاف المأمون إلى جهميته، أنه كان رافضياً خبيثاً
قال ابن كثير: "وقد أضاف المأمون إلى بدعته هذه التي أزرى فيها على المهاجرين والأنصار وخالفهم في ذلك، البدعة الأخرى، والطامة العظمى، وهي القول بخلق القرآن، مع ما فيه من الانهماك على تعاطي المسكر، وغير ذلك من الأفعال التي تعدد فيها المنكر"اهـ (البداية والنهاية 14/223)
وقال: "ولما ابتدع المأمون ما ابتدع من التشيع والاعتزال، فرح بذلك بشر المريسي، وكان بشر هذا شيخ المأمون، فأنشأ المريسي يقول:
قد قال مأموننا وسيدنا ... قولاً له في الكتاب تصديق
إن علياً أعني أبا حسن ... أفضل من أقلت به النوق
بعد نبي الهدى وإن لنا ... أعمالنا والقرآن مخلوق"اهـ (البداية والنهاية 14/227-228)
وقال المقريزي: "وقد كان المأمون عبدالله بن هارون الرشيد سابع خلفاء بني العباس ببغداد، لما شغف بالعلوم القديمة، بعث إلى بلاد الروم من عرب له كتب الفلاسفة، وأتاه بها في أعوام بضع عشرة سنة ومائتين من سني الهجرة، فانتشرت مذاهب الفلاسفة في الناس،
واشتهرت كتبهم بعامة الأمصار، وأقبلت المعتزلة والقرامطة والجهمية وغيرهم عليها، وأكثروا من النظر فيها، والتصفح لها، فانجر على الإسلام وأهله من علوم الفلاسفة، ما لا يوصف من البلاء، والمحنة في الدين، وعظم بالفلسفة ضلال أهل البدع، وزادتهم كفراً إلى كفرهم"اهـ (المواعظ والاعتبار 4/190)
وقال نفطويه: "بعث المأمون منادياً، فنادى في الناس ببراءة الذمة ممن ترحم على معاوية، أو ذكره بخير"اهـ (السير 10/281)
ليست هناك تعليقات