مدونة الموحدين الغرباء
من الواجب علينا أن نصدُقَ في نُصح الناس وإبلاغهم دين الله الذي منّ الله علينا بمعرفته والدخول فيه وسلوك سبيله، والواجب في ذلك مع من استنصحنا أشد وآكد،
فعلينا أن نبذل في ذلك قصارى جهدنا وألا نكتم عنه شيئا نعرف أنَّ نجاته فيه، فنسأل الله أولاً أن يعيننا على إسداء
النصيحة وأن يشرح صدر من طلب النصيحة لقبول الحق وهجر الباطل أيا كان ومع من كان.
إن من أعظم نعم الله على عبده أن يختاره من بين الناس من حوله لعبادته وحده التي فيها سعادته ونجاته، ويجنِّبه عبادة غيره التي فيها شقوته وتعاسته وخسرانه، ويعرِّفه دينه الحق وصراطه المستقيم ويوفّقه لسلوكه والاستقامة عليه ويثبّته على ذلك حتى يلقاه فإن الثبات على الدين الحق عزيز هذه الأيام، الفتن كثيرة مظلمة، والغربة قاسية شديدة، وأعوان الخير قليلون، والطريق طويل، والصبر قليل، والزاد لا يبلغ المحل، نسأل الله النجاة.
ودين الله الحق قد صار اليوم غريبا فما يعرفه الناس اليوم من دين الله هو فروع هذا الدين لا حقيقته وأصله، يعرفون الصلاة والصوم والحج وقراءة القرآن والذكر والتسبيح وغير ذلك ويجهلون التوحيد وما يتحقق به وما ينقضه، ولا يبنون دينهم على الأصل الثابت الذي بناه الله عليه، وكل بناء لم يكن له أصل ثابت انهدم وانهار، وعلى قدر ثبات الأصل ورسوخه يثبتُ البناء، والبناء العالي الكبير لابد له من أصل قوي ثابت يقوم عليه،
وشجرة الإيمان التي قال الله عنها أن فرعها في السماء وأنها تؤتي ثمارها كل حين أول ما أخبر عنها أن لها أصلا ثابتا، {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم 24- 25]، هذا الأصل الثابت هو كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)،
فالدين كله يقوم على هذه الكلمة، بدونها لا يصح شيء من الفروع، وهذا الأصل ظنَّ الناس اليوم أنه يتحقق بمجرد التلفظ بحروف هذه الكلمة، فمن تلفظ بالشهادتين فهو على الإسلام لا ينقصه إلا أن يهتم بالفروع من صلاة وصيام وزكاة وأخلاق وغيرها، ولا يعرفون أن الإيمان بالشهادتين اعتقادا وقولا وعملا هو أصل الإسلام لا مجرد النطق بهما فقط، وقد كنا ممن يحسب نفسه من المهتدين ونحن لا نعرف كيف نوحِّد ربَّ العالمين وكيف نكفر بالطاغوت اللعين، إلى أن هدانا الله لمعرفة توحيده والعمل به والبراءة من الشرك وأهله.
ولهذا فإننا ننصح أولا بأن تراجعوا فهم الأصل الذي جاء بالدعوة إليه كل المرسلين، {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل : 36.
فمن جهل الأصل الذي يكون به مسلما يجب عليه قبل كل شيء أن يتعلمه ويعمل به.
فمن جهل الأصل الذي يكون به مسلما يجب عليه قبل كل شيء أن يتعلمه ويعمل به.
فهل تعرفون ما معنى أن يختار الإنسان أن يكون عبدا لله؟
إن الله لا يرضى بعبودية يُجعل جزء منها لغيره، فمن دعا غيره فقد جعل العبادة لغيره، ومن ذبح لغيره كذلك، ومن اتبع تشريعا من عند غير الله كذلك.
إن الله فرضَ على من أراد أن يعبده أن يعبده مخلصا له الدين، أي أن تكون عبادته كلها لله وحده لا يتوجه بشيء منها لغيره، وعبادة الله تشمل الحياة كلها، فمن لم يسلم لله في حياته كلها لا يقبل الله منه استسلامه له ببعض حياته (أقصد لا يقبل الله صلاته مثلا وهو مستسلم لغير الله في جزء آخر من حياته.
هل تعلمون أن الإنسان لا يكون مسلما لله حتى يوحِّده في الخضوع والانقياد والاستسلام ويرفض رفضا قاطعا الخضوع والاستسلام لغيره؟
هل تعرفون ما يفرّق بين المسلم والكافر؟ هل قول لا إله إلا الله هو الذي يفرق بين المسلم والكافر هذا الزمان؟
هل مجرد النطق بالشهادتين والانتساب للإسلام هو الذي يجعلكم على دين الأنبياء والمرسلين؟
أم الإيمان بالشهادتين والاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بطاعته وطاعة رسوله والبراءة من الشرك وأهله هو الذي يجعلكم مسلمين؟
الغرض من هذه التساؤلات والإشارات أن تضعوا أرجلكم على الطريق الصحيح ، وتكون الخطوة الأولى في هذا الطريق هو تعلم ما لم تعرِفوه من قبل عن توحيد الله وكيفية تحقيقه والاستسلام لله به، فهذه أول خطوة في الطريق إلى الله ، إن وفقكم الله لها وفقكم الله لما بعدها، وإن تغافلتم عنها داهمكم الموت وأنتم على غير الطريق الموصل إلى الله.
ليس الفرق بين المسلم والكافر أنَّ المسلم يعرف وجود الله والكافر ينكره، ولا أن المسلم يتلفظ بالتوحيد والكافر لا يتلفظ به، ولا أن المسلم يعرف التوحيد والكافر لا يعرفه،
بل الفرق بينهما أن المسلم هو من يؤمن بالله ربا وحكَما ومشرِّعا ووليا ومعبودا مطاعا، ويوحّده في ربوبيته وحاكميته وتشريعه وولايته وعبادته وطاعته، ولا يشرك به شيئا، لا يجعل أي نوع من العبادة لغيره ، ولا يتبع غيره في تشريع ولا تحليل ولا تحريم، ويكفر بكل رب يحرم ويحلل ويشرِّع من دونه،
وكل إله يتوجه له بشيء من أنواع العبادة غيره، أو يُعتقد فيه ما لا ينبغي إلا لله،وكل من يوالي فيه الناس ويعادون من أجله غيرَ الله عز وجل.
هذه نصيحتنا بشيء من الاختصار، فتدبروها لعل الله أن ينفعكم بها.
ولا تنسوا دعاء الله والإلحاح في طلبه وقصد بابه فكل ما تطلبون : عِندَ الله مفاتحه وبيده خزائنه، فاسألوه يُعطِكم، واشكوا إليه وارفعوا إليه حاجتكم فكلنا فقير إليه وهو الغني عنا جميعا
ولا تنسوا دعاء الله والإلحاح في طلبه وقصد بابه فكل ما تطلبون : عِندَ الله مفاتحه وبيده خزائنه، فاسألوه يُعطِكم، واشكوا إليه وارفعوا إليه حاجتكم فكلنا فقير إليه وهو الغني عنا جميعا
هل لكم قناة علي التلحرام
ردحذف