احذروا عقيده علماء الشرك عقيدة الشوكاني
قال: "(ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) الوجه: عبارة عن ذاته سبحانه ووجوده، وقد تقدم في سورة البقرة بيان معنى هذا، وقيل: معنى (يبقى وجه ربك) تبقى حجته التي يتقرب بها إليه"اهـ (فتح القدير 5/163)
وقال: "(تبارك الذي بيده الملك) اليد: مجاز عن القدرة، والاستيلاء"اهـ (فتح القدير 5/3088)
وقال: "(أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) قال الواحدي: قال المفسرون: يعني عقوبة من في السماء، وقيل «من في السماء» قدرته وسلطانه وعرشه وملائكته، وقيل: من في السماء من الملائكة، وقيل: المراد جبريل"اهـ (فتح القدير 5/313)
وقال: "(وجاء ربك والملك) أي: جاء أمره وقضاؤه، وظهرت آياته"اهـ (فتح القدير 5/535)
وقال: "معنى الغضب في صفة الله: إرادة العقوبة؛ فهو صفة ذاته، أو نفس العقوبة، ومنه الحديث «إن الصدقة لتطفئ غضب الرب»؛ فهو صفة فعله. قال في الكشاف: هو إرادة الانتقام من العصاة وإنزال العقوبة بهم، وأن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على من تحت يده"اهـ (فتح القدير 1/29)
وقال: "(ولا يكلمهم الله) فيه كناية عن حلول غضب الله عليهم، وعدم الرضا عنهم؛ يقال: فلان لا يكلم فلاناً إذا غضب عليه"اهـ (فتح القدير 1/197)
وقال: "(هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور) والمعنى: هل ينتظرون إلا أن يأتيهم الله بما وعدهم من الحساب والعذاب في ظلل من الغمام والملائكة. قال الأخفش: وقد يحتمل أن يكون معنى الإتيان راجعاً إلى الجزاء؛ فسمي الجزاء: إتياناً؛ كما سمي التخويف والتعذيب في قصة ثمود: إتياناً؛ فقال: (فأتى الله بنيانهم من القواعد). وقال في قصة بني النضير: (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا). وإنما احتمل الإتيان هذا؛ لأن أصله عند أهل اللغة: القصد إلى الشيء؛ فمعنى الآية: هل ينظرون إلا أن يظهر الله فعلاً من الأفعال مع خلق من خلقه؛ يقصد إلى محاربتهم، وقيل: إن المعنى: يأتيهم أمر الله، وحكمه"اهـ (فتح القدير 1/241-242)
وقال: "(فإن الله لا يحب الكافرين) فسرت المحبة لله سبحانه؛ بإرادة طاعته. قال الأزهري: محبة العبد لله ورسوله؛ طاعته لهما واتباعه أمرهما، ومحبة الله للعباد: إنعامه عليهم بالغفران"اهـ (فتح القدير 1/382)
وقال: "وقوله: (عند ربهم) إما خبر ثان، أو صفة لأحياء، أو في محل نصب على الحال. وقيل: في الكلام حذف، والتقدير: عند كرامة ربهم. قال سيبويه: هذه عندية الكرامة؛ لا عندية القرب"اهـ (فتح القدير 1/457)
وقال: "(بل يداه مبسوطتان) أي: بل هو في غاية ما يكون من الجود، وذكر اليدين مع كونهم لم يذكروا إلا اليد الواحدة؛ مبالغة في الرد عليهم بإثبات ما يدل على غاية السخاء، فإن نسبة الجود إلى اليدين أبلغ من نسبته إلى اليد الواحدة. وقيل: المراد بقوله: (بل يداه مبسوطتان) نعمة الدنيا الظاهرة ونعمتها الباطنة. وقيل: (نعمة المطر والنبات). وقيل: (الثواب والعقاب). وحكى الأخفش عن ابن مسعود أنه قرأ: (بل يداه بسيطتان) أي: منطلقتان كيف يشاء"اهـ (فتح القدير 2/66)
وقال: "(وهو القاهر فوق عباده) القهر: الغلبة، والقاهر: الغالب، ومعنى (فوق عباده) فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم؛ لا فوقية المكان"اهـ (فتح القدير 2/120)
وقال: ")ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) من لابتداء الغاية، وقد استدل بوصف الذكر لكونه محدثا على أن القرآن محدث لأن الذكر هنا هو القرآن. وأجيب بأنه لا نزاع في حدوث المركب من الأصوات والحروف لأنه متجدد في النزول. فالمعنى محدث تنزيله، وإنما النزاع في الكلام النفسي، وهذه المسألة: أعني قدم القرآن وحدوثه قد ابتلي بها كثير من أهل العلم والفضل في الدولة المأمونية والمعتصمية والواثقية، وجرى للإمام أحمد بن حنبل ما جرى من الضرب الشديد والحبس الطويل، وضرب بسببها عنق محمد بن نصر الخزاعي، وصارت فتنة عظيمة في ذلك الوقت وما بعده، والقصة أشهر من أن تذكر، ومن أحب الوقوف على حقيقتها طالع ترجمة الإمام أحمد بن حنبل في كتاب «النبلاء» لمؤرخ الإسلام الذهبي. ولقد أصاب أئمة السنة بامتناعهم من الإجابة إلى القول بخلق القرآن وحدوثه،
وحفظ الله بهم أمة نبيه عن الابتداع، ولكنهم رحمهم الله جاوزوا ذلك إلى الجزم بقدمه، ولم يقتصروا على ذلك حتى كفروا من قال بالحدوث، بل جاوزوا ذلك إلى تكفير من قال لفظي: القرآن مخلوق، بل جاوزوا ذلك إلى تكفير من وقف، وليتهم لم يجاوزوا حد الوقف وإرجاع العلم إلى علام الغيوب؛ فإنه لم يسمع من السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى وقت قيام المحنة وظهور القول في هذه المسألة؛ شيء من الكلام، ولا نقل عنهم كلمة في ذلك؛ فكان الامتناع من الإجابة إلى ما دعوا إليه، والتمسك بأذيال الوقف، وإرجاع علم ذلك إلى عالمه؛ هو الطريقة المثلى، وفيه السلامة والخلوص من تكفير طوائف من عباد الله"اهـ (فتح القدير 3/469)
وقال: "وحد سبحانه نفسه، ووصفها بالبقاء والدوام؛ فقال: لا إله إلا هو كل شيء من الأشياء كائناً ما كان؛ هالك إلا وجهه. أي: إلا ذاته"اهـ (فتح القدير 4/218)
وقال: "(إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) أي: إلى الله يصعد لا إلى غيره، ومعنى صعوده إليه: قبوله له، أو صعود الكتبة من الملائكة بما يكتبونه من الصحف"اهـ (فتح القدير 4/391)
وقال: "ومعنى (ألم يعلم بأن الله يرى) أي: يطلع على أحواله؛ فيجازيه بها"اهـ (فتح القدير 5/572) وقال: "التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم؛ هو في التحقيق؛ توسل بأعمالهم الصالحة، ومزاياهم الفاضلة؛ إذ لا يكون الفاضل فاضلاً إلا بأعماله. فإذا قال القائل: اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني؛ فهو باعتبار ما قام به من العلم، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما:
أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة؛ أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة؛ فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز، أو كان شركاً؛ كما يزعمه المتشددون في هذا الباب؛ لم تحصل الإجابة من الله لهم، ولا سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم .. وبهذا تعلم أن ما يورده المانعون من التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والصلحاء .. هو من الاستدلال على محل النزاع؛ بما هو أجنبي عنه"اهـ (بتصرف من الدر النضيد ص 20-22)
وقال: "الفصل الثاني: فيما يدخله التأويل: وهو قسمان: أحدهما: أغلب الفروع، ولا خلاف في ذلك. والثاني: الأصول: كالعقائد، وأصول الديانات، وصفات الباري عز وجل. وقد اختلفوا في هذا القسم على ثلاثة مذاهب: الأول: أنه لا مدخل للتأويل فيها؛ بل يجري على ظاهرها، ولا يؤول شيء منها، وهذا قول المشبهة. والثاني: أن لها تأويلاً، ولكنا نمسك عنه؛ مع تنزيه اعتقادنا عن التشبيه والتعطيل، لقوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله) قال ابن برهان: وهذا قول السلف. قلت: وهذا هو الطريقة الواضحة، والمنهج المصحوب بالسلامة عن الوقوع في مهاوي التأويل لما لا يعلم تأويله إلا الله"اهـ (إرشاد الفحول 2/32-33)
وقال: "مسألة الخلاف في كلام الله سبحانه، وإن طالت ذيولها، وتفرق الناس فيها فرقاً، وامتحن بها من امتحن من أهل العلم، وظن من ظن أنها من أعظم مسائل أصول الدين؛ ليس لها كبير فائدة؛ بل هي من فضول العلم، ولهذا صان الله سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم عن التكلم فيها"اهـ (إرشاد الفحول 1/39)
وقال: "قوله: (إن زياد بن أبي سفيان) وقع التحديث بهذا في زمن بني أمية، وأما بعدهم فما كان يقال له إلا (زياد ابن أبيه)، وقبل استلحاق معاوية له؛ كان يقال له: (زياد بن عبيد) وكانت أمه سمية مولاة الحارث بن كلدة الثقفي، وهي تحت عبيد المذكور؛ فولدت زياداً على فراشه؛ فكان ينسب إليه؛ فلما كان في أيام معاوية؛ شهد جماعة على إقرار أبي سفيان بأن زياداً ولده؛ فاستلحقه معاوية بذلك، وخالف الحديث الصحيح «أن الولد للفراش وللعاهر الحجر»، وذلك لغرض دنيوي.
وقد أنكر هذه الواقعة على معاوية من أنكرها حتى قيلت فيها الأشعار .. وقد أجمع أهل العلم على تحريم نسبته إلى أبي سفيان، وما وقع من أهل العلم في زمان بني أمية؛ فإنما هو تقية، وذكر أهل الأمهات نسبته إلى أبي سفيان في كتبهم مع كونهم لم يؤلفوها إلا بعد انقراض عصر بني أمية؛ محافظة منهم على الألفاظ التي وقعت من الرواة في ذلك الزمان"اهـ (نيل الأوطار 5/127)
وقال: "وكانوا منقمعين (أي الخوارج) في إمارة زياد وابنه؛ طول مدة ولاية معاوية وابنه يزيد لعنهم الله"اهـ (نيل الأوطار 7/189)
وقال: "لا ينبغي لمسلم أن يحط على من خرج من السلف الصالح من العترة وغيرهم؛ على أئمة الجور؛ فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم، وهم أتقى لله وأطوع لسنة رسول الله من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم، ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية، ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب؛ حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي الله عنه وأرضاه؛ باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية لعنهم الله؛ فيالله العجب من مقالات تقشعر منها الجلود، ويتصدع من سماعها كل جلمود"اهـ (نيل الأوطار 7/208)
وقال: "وأما أهل صفين: فبغيهم ظاهر, ولو لم يكن في ذلك إلا قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار: (تقتلك الفئة الباغية)؛ لكان ذلك مفيداً للمطلوب؛ ثم ليس معاوية ممن يصلح لمعارضة علي, ولكنه أراد طلب الرياسة والدنيا بين قوم أغتام لا يعرفون معروفاً، ولا ينكرون منكراً؛ فخادعهم بأنه طالب بدم عثمان؛ فنفق ذلك عليهم, وبذلوا بين يديه دماءهم وأموالهم, ونصحوا له؛
حتى كان يقول علي لأهل العراق: إنه يود أن يصرف العشرة منهم بواحد من أهل الشام صرف الدراهم بالدينار. وليس العجب من مثل عوام الشام؛ إنما العجب ممن له بصيرة ودين؛ كبعض الصحابة المائلين إليه, وبعض فضلاء التابعين؛ فليت شعري أي أمر اشتبه عليهم في ذلك الأمر؛ حتى نصروا المبطلين، وخذلوا المحقين, وقد سمعوا قول الله تعالى: (فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله)، وقد سمعوا الأحاديث المتواترة في تحريم عصيان الأئمة ما لم يروا كفراً بواحاً, وسمعوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمار: (إنها تقتله الفئة الباغية). ولولا عظيم قدر الصحبة، ورفيع فضل خير القرون؛ لقلت: حب الشرف والمال قد فتن سلف هذه الأمة؛ كما فتن خلفها"اهـ (وبل الغمام 2/416-417)
وقال: "اعلم أن جماعة من المبغضين للشيعة؛ عدوا قولهم: إن علياً عليه السلام وصي لرسول الله. من خرافاتهم، وهذا إفراط وتعنت يأباه الإنصاف، وكيف يكون الأمر كذلك، وقد قال بذلك جماعة من الصحابة؛ كما ثبت في الصحيحين أن جماعة ذكروا عند عائشة؛ أن علياً وصي. وكما في غيرهما، واشتهر الخلاف بينهم في المسألة، وسارت به الركبان، ولعلهم تلقنوا قول عائشة في أوائل الطلب، وكبر في صدورهم حتى ظنوه مكتوباً في اللوح المحفوظ، وسدوا آذانهم عن سماع ما عداه، وجعلوه كالدليل القاطع، وهكذا فليكن الاعتساف، والتنكب عن مسالك الإنصاف، وليس هذا بغريب بين أرباب المذاهب؛ فإن كل طائفة في الغالب لا تقيم لصاحبتها وزناً، ولا تفتح لدليلها وإن كان في أعلى رتبة الصحة أذناً؛ إلا من عصم الله، وقليل ما هم"اهـ (العقد الثمين في إثبات وصاية أمير المؤمنين ص 10)
وقال: "وكان تحرير هذا الجواب في عنفوان الشباب، وأنا الآن أتوقف في حال هؤلاء (أي: ابن عربي والحلاج وابن الفارض وابن سبعين والتلمساني) وأتبرأ من كل ما كان من أقوالهم وأفعالهم مخالفاً لهذه الشريعة البيضاء الواضحة التي ليلها كنهارها، ولم يتعبدني الله بتكفير من صار في ظاهر أمره من أهل الإسلام"اهـ (البدر الطالع 2/37)
وقال: "إذا ذبح الكافر ذاكراً لاسم الله عز وجل؛ غير ذابح لغير الله، وأنهر الدم، وفرى الأوداج؛ فليس في الأدلة ما يدل على تحريم هذه الذبيحة الواقعة على هذه الصفة، ولا يصح الاستدلال بمثل قوله عز وجل: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}؛
لكون الخطاب فيها للمسلمين؛ لأنا نقول: الخطاب فيها لكل من يصلح للخطاب؛ فمن زعم أن الكافر خارج من ذلك بعد أن ذبح لله وسمى؛ فالدليل عليه .. وأما ما يقال من حكاية الإجماع على عدم حل ذبيحة الكافر؛ فدعوى الإجماع غير مسلمة، وعلى تقدير أن لها وجه صحة؛ فلا بد من حملها على ذبيحة كافر ذبح لغير الله، أو لم يذكر اسم الله. وأما ذبيحة أهل الذمة فقد دل على حلها القرآن الكريم: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}"اهـ (السيل الجرار ص 711-712)
ليست هناك تعليقات