Header Ads

القول الحاسم في أن المُدعى عليه متحاكم







بسم الله الرحمن الرحيم


القول الحاسم في أن المُدعى عليه متحاكم
هذه كلمات في بيان أن المُدعى عليه متحاكم أعددتها لعلمي أن بعض الإخوة يحتاج إليها في نقاشهم مع المخالفين، جعلتها في شكل سؤال وجوآب، تسهيلاً لفهم الخطاب،وأساله تعالى أن ينفعني بها وسائر الأخوان.
****السؤال الأول :-
قلتم أن (المُدعى عليه) الذي لايرفع للطاغوت مظلمة والذي لايتفق مع خصمه للترافع للطاغوت ويري فقط أنه إذا قُدمت له دعوة إلى المحكمة وهو (مظلوم)( كافر ومتحاكم)، فأين الدليل على صدق دعواكم، ((قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين))؟؟؟؟

الجواب وبالله التوفيق والسداد نقول :
أجتمعت في كفر المُدعى عليه في محكمة الطاغوت والذي يُلبّى دعوة الطاغوت للفصل بينه وبين خصمه عدة مناطات _أسباب_ كفرية وهي :
المناط الأول : أن المُدعى عليه متحاكم سواء كان في محكمة الإسلام أو في محكمة الطاغوت والتحاكم للطاغوت كفر بذي العزة والجبروت، والأدلى على كونه متحاكم كثيرة منها :
1/ قال تعالى : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ) فالآية تبيّن أن المُدعى عليه في محكمة المسلمين متحاكم بإجابته لدعوة التحاكم وليس الإستدلال بالآية هنا بمفهوم المخالفة فالشريعة تحدد المعاني اللغوية وتقرر التعريفات الشرعية فكل معني شرعي لغوي بالضرورة لكون القران والسنة عربيان وليس كل معنى لغوى شرعي فقد يتفق المعني اللغوى والشرعي وقد يختلفان لكون الكلمة العربية تحمل عدة معاني ، فوجه إستدلالنا بالآية من حيث التعريف الشرعي لفعل المُدعى عليه وأنه متحاكم بإلإجابة والطاعة، وقد ورد في الآية (ليحكم بينهم) فتنبه!!

قال شيخ المُفسرين الطبري في تفسيره لهذه الآية:
يقول تعالى ذكره: إنـما كان ينبغي أن يكون قول الـمؤمنـين إذا دُعُوا إلـى حكم الله وإلـى حكم رسوله، { لِـيَحْكُمَ بَـيْنَهُمْ } وبـين خصومهم، { أنْ يَقُولُوا سَمِعْنا } ما قـيـل لنا، { وأطَعْنا } من دعانا إلـى ذلك.أهـ

2/ قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) ووجه الدلالة في الآية أن الخطاب عام لكل المؤمنين المُدعى والمُدعى عليه فمن يريد أن يقرر أن المُدعى عليه غير مُخاطب بهذه الآية فعليه الدليل.

3/ قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) ووجه الدلالة أن الله عز وجل حكم بكفر الذي يريد التحاكم _ مجرد إرادة _ فتكفير من يتحاكم عملياً أولى، و معني الإرادة التي وردت في قوله تعالى (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) هي الإرادة بمعني العزم والاختيار الذي هو ضد الإكراه والتي تتمثل فعلياً في الذهاب وليست الإرادة بمعنى الرضا القلبي الباطني لكوننا لم نؤمر ولم نُكلف بما في القلوب، فمجرد اختيار المرء جهة ما لتفصل له في أي نزاع يكون قد أراد التحاكم إليها وشمله حكم الآية، ومن يقول أن الإرادة الواردة في الآية بمعني الرضا القلبي الباطني يلزمه أن يبطل العمل بالآية والحكم بتكفير المتحاكم للطاغوت حكم ظاهر منضبط من ظاهر الآية.

4/ (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) فقال الإمام ابن العربي في تفسير هذه الآية: جَاءُوا مُحَكِّمِينَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ وَمُخْتَبِرِينَ فِي الْبَاطِنِ . أهـ فاليهود لم يريدوا التحاكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بواطنهم لأنهم كانوا يريدون إختباره إذ أن حكم المسألة ثابت عندهم في التوراة ومع ذلك سماهم الله عزوجل محكمين له بفعلهم الظاهر كالمنافقين، فكون المُدعى عليه يقرر أنه لم يريد التحاكم لاينفعه لكون التحاكم أمرٌ ظاهر .

5/ قول صلى الله عليه وسلم (إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئا فإنما اقطع له قطعة من النار)
يقول: ابن عبد البر رحمه الله (... فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ) يعني أفطن لها وأجدل بها. ووجه الدلالة من الحديث أن القاضي يحكم بحسب التحاقق والتنازع والتجادل الذي يتم آمامه وهو مايمارسه المُدعى والمُدعى عليه.

6/ المُدعى عليه طالب للحكم وطلب الحُكم عبادة لايجوز صرفها لغير الله، فعملية التحاكم هي المفاعلة التي تتم بين الأطراف الثلاثة : الحاكم والمُدعى والمُدعى عليه، فالمُدعى طلب الحكم إبتداً، والحاكم طلب المثول أمامه لأجل النظر في القضية ومعرفة صحة دعوى المُدعى ثم الحكم للمُدعى أوعليه ،أمتثل الجميع أمام الحاكم أزاع الحاكم أو من ينوب عنه الدعوى، وطُلب من المُدعى عليه أن يدافع عن نفسه أو يعترف بجرمه، بداء المدعى عليه بتكذيب خصمه وتجريمه وبيان أنهُ مفترىَ عليه من قِبل المُدعى، ففعل المُدعى عليه هو عين فعل المُدعى فأنعكس الأمر في العملية وهذا هو طلب حكم والفرق بين طلب المُدعى والمُدعى عليه بإبتداء المُدعى وإنتهاء المُدعى عليه، ودليلُ كفر من طلب الحكم من غير الله هو قوله تعالى (إن الحُكم إلا لله ) يوسف (40) وقوله (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) النساء (60) وكفر المتحاكم بالفعل أولى.
***************************
المناط الثاني : الإرادة وطلب الحكم
أن المُدعى عليه مُريد وطالب للتحاكم وإن زعم خلاف ذلك والإرادة متحققه في المُدعى عليه لكونه لم يرى حرجاً في التنازع مع خصمه في جلسة حُكم طاغوتية والإختيار متحقق لكونه غير مُكرهاً على هذا الفعل،وكلمة طلب تدل على الإرادة والإختيار وقد جاء في لسان العرب لأبن منظور في معنى كلمة طلب مايلي: االطَّلَبُ مُحاوَلَةُ وِجْدانِ الشَّيءِ وأَخْذِه والطِّلْبَةُ ما كان لكَ عند آخرَ من حَقٍّ تُطالِبه به والمُطالَبة أَن تُطالِبَ إِنساناً بحق لك عنده ولا تزال تَتَقاضاه وتُطالبه بذلك أهـ.
وجاء أيضاً في المعجم الوسيط في نفس المادة مايلي : طَلَباً: همَّ بتحصيله أو التمسه وأراده. ويقال: طلب له شيئاً. وـ إليه كذا: سأله إياه.( طَلِبَ ) ـَ طَلَباً: تباعد ليُطْلَب.( أطْلَبَ ): طلب. وـ تباعد ليُطْلَب. وـ فلاناً: أسعفه بما طلب، وأعانه عليه. ويقال: أطلب فلاناً الشيء. وـ أحوجه وألجأه إلى الطلب.( طَالَبَه ) بحقِّه، مطالبة، وطِلاباً: طلب منه.( طَلَّبَه ): طلبه. أو طلبه في مهلة.( اطَّلَبَه ): طلبه. أو طلبه في مهلة.( تَطَلَّبَه ): اطَّلَبَه.
وفي هذا التعريف اللغوي يظهر بطلان حصر تكفير المُدعى فقط بحجة أنه طالب لحكم الطاغوت فالمُدعى عليه هو أيضاً طالب للحُكم .
******************************
المناط الثالث: الإعانة على الكفر
أن المُستجيب لجلسة حُكم الطاغوت -وهو أحد طرفي النزاع- مُعين ومشارك في الكفر وهو الحُكم بغير ما أنزل ، فعملية التحاكم والحُكم التي تتم والمُدعى عليه هو أحد أطرافها عملية كفرية شركية طاغوتية فالإعانة عليها والمشاركة فيها بفعلِ أو قولِ إعانة على الكفر، والقاعدة المشهورة الإعانة على الكفر كفر وعلى الحرام حرام ، ودليلُ ذلك قاعدة الرضي بالكفر كفر والراضي بالشئ كفاعله التي يدلُ عليها قوله تعالى { وقد نزل عليكم أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا) الأنعام141
وقد يقول قائل : أن الحُكم سيصدر ولو لم يحضره المُدعى عليه فأين الإعانة التي تدعونها ؟؟
فنقول : نعم قد يصدر الحُكم غيابياً ولكن المُدعى عليه ليس عليه إثماً ولا حرجاً لكونه لم يشارك أو يعاون فحكم الإعانة والمشاركة يرتبط بالمعاون والمشارك وليس بتمام فعل الحاكم وعدم تمامه.
*******************
المناط الرابع : قبول الحُكم
أنه لا فرق بين الطالب لُحكم الطاغوت وبين القابل له والموافق عليه والمشارك فيه، فمن دُعي إلى جلسة حُكم الطاغوت دُعي إلى فض النزاع بقانون وضعي ويحكم به كافر مشرك، ومن لبّى هذه الدعوة بغير إكراه كان قابلاً للتحاكم _ فض النزاع بقانون وضعي يحكم به كافر _ ومما يدُل على أن القبول والطلب سواء الآتي:-

1/ قوله تعالى ( إِلاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مّنْكُمْ) وهذا الرضا المنصوص عليه كأساس لصحة المعاملات هو أمراً قلبياً لا سبيل إلى التيقن من وجوده، ولذا فقد أستعاض عنه الشارع بأمراً ظاهراً للكافة، وهو (الإيجاب والقبول) من قبل المتعاملين أو المتعاقدين. فالإيجاب والقبول ظاهرة مادية إيجابية منضبطة.

2/ عقد الزواج مثلاً الرجل من يتقدم بالطلب لخطبة المرأة، والمرأة تقبل فلا يصح أن يقال أن الرجل هو الذي طلب الزواج وأنها لم تُرد الزواج لأنها لم تطلبه إبتداً فكلاهما قابلين للزواج .
ولانعني بالرضا والقبول هنا قبول الشرائع من دون الله والرضي بها بل نعني بهما القبول والرضا الظاهر فتنبه!!
والحمدُ لله رب العالمين 



ليست هناك تعليقات