هَلْ تَقُولُونَ أَنَّ مَنْ يَجْهَلُ مَعْنَى الشَّهَادَةِ يَكُونُ مُسْلِمًا؟, سبحان الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: لقد ذكر بعض الناس أقوالا للدعوة النجدية وغيرها فقالوا أن هؤلاء أعذروا من أشرك بالله شركا أكبر وأنهم أدخلوهم في الإسلام وأنهم قالوا أن هؤلاء الذين يشركون بالله غيرَه هم مسلمون لأنهم معذورون بالجهل. ولكن لهذا الأقوال معنى آخر، غير المعنى الذي يُوجِب إعذارَ مَن لم يأتِ بالركن الأول. فمَن قال أن فاعل الشرك الأكبر لا يكفَّر فهذا نفيٌ للتكفير وليس نفيًا لكونه مشركًا. وبيانُ هذا أن مِن العلماء مَن قال أن أهل الفترات - الذين عاشوا في فترة بين نبيّين فلم يسمعوا بالرسالة - هم مشركون لكنه لا يقال أنهم كافرون بالرسالة، لأنها لم تبلغهم أصلا.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (298/2): ومن لم تقم عليه الحجة في الدنيا بالرسالة كالأطفال والمجانين وأهل الفترات فهؤلاء فيهم أقوال أظهرها ما جاءت به الآثار أنهم يمتحنون يوم القيامة فيبعث الله إليهم من يأمرهم بطاعته فإن أطاعوه استحقوا الثواب وإن عصوه استحقوا العقاب اهـ
فنجد أنهم قالوا أن فاعل الشرك لا يكفَّر إلا بعد إقامة الحجة عليه، لكنه لا يستلزمُ إدخالَه في دين الله قبل هذا. فحتى لو كان هناك من عاش في فترة فلمْ يسمع بنبي من أنبياء الله تعالى وهو يشرك بالله شركا أكبر فهو مشرك به شركا أكبر وليس بمسلم، وإن لم يُطلَق عليه اسم الكافر لأنه لم يَكفُر برسالة بلغتْه. ولا يختلف اثنان من المسلمين في أنه ليس بمسلم لأنه لم يعبد الله وحده، وهذا لا يستلزم تعذيبَه في الآخرة، فهو مشركٌ ليس بمسلم وإن لن يُعذَّب.
قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في منهاج التأسيس (ص 134): وقال [محمد بن عبد الوهاب]: وقد سئل عن مثل هؤلاء الجهال. فقرر أن من قامت عليه الحجة وتأهل لمعرفتها يكفر بعبادة القبور. وقد سبق من كلامه ما فيه الكفاية، مع أن العلامة ابن القيم رحمه الله جزم بكفر المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفرة إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته، وتأهلوا لذلك. فأعرضوا ولم يلتفتوا. ومن لم يتمكن ولم يتأهل لمعرفة ما جاءت به الرسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ممن لم تبلغه دعوة رسول من الرسل. وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمى المسلمين، حتى عند من لم يكفر بعضهم وسيأتيك كلامه. وأما الشرك فهو يصدق عليهم، واسمه يتناولهم وأي إسلام يبقى مع مناقضة أصله؟ اهـ
أرأيت - أيها القارئ - أنه يقول: هؤلاء لا يدخلون في مسمى المسلمين، حتى عند من لم يكفر بعضهم؟ أرأيت أنه يقول أن الشرك يصدق عليهم وأن اسمه يتناولهم؟ فاسم الشرك والمشرك يُطلَق على كل من يفعل الشرك الأكبر وإن جهِل أن فعْله شركٌ أكبر. ففي الدرر السنية (417/13): وأعظم أنواع الكفر: الشرك بعبادة غير الله، وهو كفر بإجماع المسلمين، ولا مانع من تكفير من اتصف بذلك، كما أن من زنى قيل: فلان زانٍ، ومن رَابَى: قيل: فلان مُرابٍ. اهـ
فكل من يفعل الشرك الأكبر هو يشرك بالله ومن يشرك بالله فهو مشرك، كما أن كل من يحقق الإسلام أي يسلم لرب العالمين هو مسلم. فمن قال أن هؤلاء مشركون وليسوا كفارا فإنما معناه أنهم مشركون لكنه لا يقول أنهم مُعذَّبون في الآخرة، لأنه لم تبلغهم رسالةٌ كفروا بها. بل هؤلاء مشركون لكن اسم الكفر لا يُطلَق عليهم لأنه لم يأتِهم رسول فلم يكفروا برسالته لأنها لم تبلغ إليهم أصلا، مع أنهم مشركون ليسوا بمسلمين لأنهم لا يوحّدون الله. قال الله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) (العنكبوت)
وقال تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ
(72) (الزمر)
وقال تعالى: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) (الملك)
فهؤلاء المذكورون في هذه الآيات قد كفروا بالرسالة بعد أن جاءتهم، وأما من عاش في زمن فترة فلم يسمع بواحد من أنبياء الله تعالى فلا يقال أنه كفَر بالرسالة لأنها لم تبلغه، لكنه مشرك لأنه يشرك بالله. قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (37/20): وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ هُودَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ : { اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُفْتَرُونَ } فَجَعَلَهُمْ مُفْتَرِينَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِحُكْمِ يُخَالِفُونَهُ ؛ لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَاسْمُ الْمُشْرِكِ ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ ؛ فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا قَبْلَ الرَّسُولِ وَيُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ : جَاهِلِيَّةً وَجَاهِلًا قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ وَأَمَّا التَّعْذِيبُ فَلَا .
وَالتَّوَلِّي عَنْ الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ : { فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى } { وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى } فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ مِثْلَ قَوْلِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ . { فَكَذَّبَ وَعَصَى } كَانَ هَذَا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى { فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى } { فَكَذَّبَ وَعَصَى } وَقَالَ : { فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ } اهـ
وقال الصنعاني في تطهير الاعتقاد (ص 1): فاعلم أن ها هنا أصولا هي قواعد للدين، ومن أهم ما تجب معرفته على الموحدين : الأصل الأول: أنه قد علم من ضرورة الدين أن كل ما في القرآن فهو حق لا باطل وصدق لا كذب وهدى لا ضلالة وعلم لا جهالة ويقين لا شك فيه. فهذا الأصل أصل لا يتم إسلام أحد ولا إيمانه إلا بالإقرار به. وهذا مجمعٌ عليه لا خلاف فيه.
الأصل الثاني: أن رسل الله وأنبياءه ـ من أولهم إلى آخرهم ـ بعثوا لدعاء العباد إلى توحيد الله بتوحيد العبادة. وكل رسول أول ما يقرع به أسماع قومه قوله : { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } ، { أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ } ، { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ } وهذه الذي تضمنه قول "لا إله إلا الله". فإنما دعت الرسل أممها إلى قول هذه الكلمة واعتقاد معناها، لا مجرد قولها باللسان. ومعناها : هو إفراد الله بالإلهية والعبادة، والنفي لما يعبد من دونه والبراءة منه. وهذا الأصل لا مرية فيما تضمنه، ولا شك فيه وفي أنه لا يتم إيمان أحد حتى يعلمه ويحققه. اهـ
وقال فيه أيضا (ص 22): فإن قلتَ : أيصير هؤلاء الذين يعتقدون في القبور والأولياء والفسقة والخلعاء مشركين كالذين يعتقدون في الأصنام؟ قلت نعم، وقد حصل منهم ما حصل من أولئك وساووهم في ذلك، بل زادوا في الاعتقاد والانقياد والاستعباد فلا فرق بينهم. فإن قلت هؤلاء القبوريون يقولون : نحن لا نشرك بالله تعالى ولا نجعل له ندا والالتجاء إلى الأولياء والاعتقاد فيهم ليس شركا!
قلتُ : نعم { يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } لكن هذا جهل منهم بمعنى الشرك، فإن تعظيمهم الأولياء ونحرهم النحائر لهم شرك والله تعالى يقول { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } أي : لا لغيره، كما يفيده تقديم الظرف، ويقول الله تعالى : { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } وقد عرفت بما قدمناه قريبا أنه صلى الله عليه وسلم قد سمى الرياء شركا، فكيف بما ذكرناه؟!
فهذه الذي يفعلونه لأوليائهم هو عين ما فعله المشركون وصاروا به مشركين، ولا ينفعهم قولهم : نحن لا نشرك بالله شيئا، لأن فعلهم أَكْذَبَ قولهم اهـ
ومن قال أن محمد بن عبد الوهاب أدخل من أشرك بالله شركا أكبر في دين الإسلام فقد نسب إليه التناقض، لأنه قال في الدرر السنية (19/3): أصل دين الإسلام، وقاعدته: أمران؛ الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له؛ والتحريض على ذلك، والموالاة فيه، وتكفير من تركه. الثاني: الإنذار عن الشرك في عبادة الله، والتغليظ في ذلك، والمعاداة فيه، وتكفير من فعله اهـ
لكن الناس يقولون أنه أدخل من يشرك بالله شركا أكبر في دين الإسلام وأنه قال أن من يعبد غير الله يكون مسلما أحيانا، وكأنهم يقولون أنه قال: "أصل الدين أن تنطق بالشهادتين وأنت تريد أن تكون مسلما، فأنت مسلم محقق لأصل الدين وإن كنت تعبد غير الله"... فهل نجده يقول "أصل الدين هو أن تنطق بالشهادتين وإن لم تعرف المعنى وإن كنت تعبد غير الله فأنت مسلم معذور بالجهل"؟
وفي الدرر السنية (263/15): فقد قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:256].
فدلت الآية على أنه لا يكون مستمسكا بلا إله إلا الله، إلا إذا كفر بالطاغوت، وهي العروة الوثقى، التي لا انفصام لها؛ ومن لم يعتقد هذا، فليس بمسلم، لأنه لم يتمسك بلا إله إلا اله. فتدبر واعتقد ما ينجيك من عذاب الله، وهو تحقيق معنى لا إله إلا الله نفيا وإثباتا. اهـ
وأخبرني - أيها القارئ - هل يستطيع الذي يجهل معنى لا إله إلا الله أن يعتقد أنه لا إله إلا الله؟ فإن كنت تقول أنه لا يستطيعه فكيف أدخلته في دين الله أصلا؟
وفي الدرر السنية أيضا (281/15): لا شريك له في إلهيته، ولا في ربوبيته، ولا في أفعاله، ولا مثل له، ولا كفء له، ولا ند له، وكل معبود سواه فباطل؛ ومن لم يعتقد هذا فليس بمسلم.
وفيها (481/15): قال [ابن القيم]: والإسلام هو: توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان برسوله واتباعه فيما جاء به؛ فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن معاندا، فهو كافر جاهل. وغاية هذه الطبقة: أنهم كفار جهال، غير معاندين؛ وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا. فإن الكافر من جحد توحيد الله، وكذب رسوله إما عنادا وإما جهلا وتقليدا لأهل العناد.
وقال سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد (34/1): وهذا التوحيد هو حقيقة دين الإسلام الذي لا يقبل اللّه من أحد سواه، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدًا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت" رواه البخاري ومسلم، فأخبر أن دين الإسلام مبني على هذه الأركان الخمسة وهي الأعمال، فدل على أن الإسلام هو عبادة اللّه وحده لا شريك له، بفعل المأمور، وترك المحظور، والإخلاص في ذلك للّه. وقد تضمن ذلك جميع أنواع العبادة، فيجب إخلاصها للّه تعالى، فَمَنْ أشرك بين اللّه تعالى وبين غيره في شيء فليس بمسلم.اهـ
وقال عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في منهاج التأسيس (ص 339): ثم قال ابن القيم رحمه الله: "والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل، فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين، وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا فإن الكافر من جحد توحيد الله تعالى، وكذب رسوله، إما عنادا وإما جهلا وتقليدا لأهل العناد. فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد، وقد أخبر الله في القرآن في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار، وأن الأتباع مع متبوعهم وأنهم يتحاجون في النار اهـ
فإن قال قائل: "من يجهل التوحيد يستطيع أن يدخل في دين الله فيكون مسلما موحدا وهو لا يعرف معنى الإسلام والتوحد"، قيل له: وما الدليل على ما تقوله؟ فلا بد أن يكون عندك دليل هو أصحّ مما قد ذُكِر لك، وإلا فإنه ليس لأحد أن يخالف كلام الله تعالى ولا كلام رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد قال صلى الله عليه وسلم: الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا(صحيح مسلم)
وأنت تقول أن من لم يأتِ بالركن الأول يكون مسلما أيضا، فالذي يعبد الله لكنه يشرك به غيرَه يكون مسلما عندك، يشرك بالله شركا أكبر لكنه مسلم موحد عندك، فلا بد من دليل على إدخاله في دين الله. وإلا فهل ندخله في دين الإسلام لأنه يتمنى أن يكون مسلما؟ فقد قال الله تعالى: أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) (النجم)
وقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ (صحيح مسلم)
لكن من الناس من يقول: "من مات وهو لا يعلم أنه لا إله إلا الله يكون في الجنة أيضا". فمن كان عنده دليل من القرآن أو السنة على إدخال من يجهل معنى الإسلام والتوحيد في دين الله فليخبرني به، ثم من كان عنده دليل على إدخال من يجهل معنى الإسلام والتوحيد في دين الله فليخبرني. وأما من تبيّن له أن من يجهل معنى الإسلام لا يتّبع الأنبياء عليهم السلام ولا يوحد الله ولا يستسلم له فإنّ الله تعالى قد فرض على الناس اتّباعَ ما أنزله. قال تعالى: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3) (الأعراف)
فكل من يعبد غير الله أو يعذر من يعبد غير الله فلم يأتِ بأصل الدين. الذي يعذر من يشرك بالله شركا أكبر فهو نفسه لا يحقق أصل الدين، ومن عذره فقد عذر من لم يحقق أصل الدين فليس بمسلم.
هذا، والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات