Header Ads

افتــراء العاذريـــن وخروجهــم عن سبيل المؤمنين









يقول أبو بطين - رحمه الله - حاكيًا عن شيخ الإسلام ابن تيمية : " لقد جزم - رحمه الله - في مواضع كثيرة بكفر من فعل ما ذكرت من أنواع الشرك وحكى إجماع المسلمين على ذلك ، ولم يستثن الجاهل ونحوه ، وقال الله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ " وقال عن المسيح أنه قال : " مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ " فمن خص ذلك الوعيد بالمعاند فقط وأخرج الجاهل والمتأول والمقلد فقد شاق الله ورسوله وخرج عن سبيل المؤمنين ، فالمدعي أن مرتكب الكفر متأولاً أو مجتهدًا مخطئًا أو مقلدًا أو جاهلاً ، معذور ، مخالف للكتاب والسنة بلا شك ، مع أنه لابد أن ينقض أصله، فلو طرد أصله كفر بلا ريب كما لو توقف في تكفير من شك في رسالة محمد أو شك في البعث أو غير ذلك من أصول الدين والشاك جاهل ، والجهل ليس بعذر".
________________

قلـــت،

وهذا استدلال قاطع وحاسم أنه لا فرق بين شرك وشرك ، ولا بين كفر وكفر في تخصيصه بالجهل من عموم الوعيد ،فالشريعه لاتفرق بين متماثلين ولاتجمع بين نقيضين ، وإن محاولة التفريق بين إنكار البعث والشك في قدرة الله وعلمه وإهانة المقدسات والشرك بالله في العبادة وبين الإقرار المجمل اوالعذر بالجهل والتقليد والتأويل في اصل الدين تفريق باطل ، فقد علم من دين الله بالضرورة أنه لا فرق بين كفر وكفر إذا كان أكبر إلا في التغليظ بمعنى أنه يوجد كفر مجرد وكفر مغلظ وكلاهما كفر ، والقول بأن المشرك مسلم ، فرية عظيمة ومشاقة لله ورسوله ، لأن معنى ذلك أن من مات على الشرك الأكبر يكون قد مات مسلمًا ولقي الله بدين قُبِلَ منه
والله يقول : " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ "
والدين عند الله هو الإسلام ، والإسلام هو التوحيد وإفراد الله بالعبادة وعدم الشرك به ، فإذا كان من مات على الشرك قد مات على دين يُقْبَلُ منه فمعنى هذا أن الله سبحانه وتعالى قد أذن بالشرك ، وأذن أن يعبد معه غيره ؛ وهذا باطل وافتراءعلي الله وما ترتب عليه فهو باطل مثله
والله يقول : " وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ "
والإمام البخاري و شرَّاح الصحيح لم يفرقوا بين كفر وشرك بل جعلوه كله شيئًا واحدًا كما ذكر ذلك الإمام أبو بطين في الانتصار لحزب الله الموحدين ،
فيقول : " فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورًا لجهله ، فمن هو الذي لا يعذر ، ولازم هذه الدعوى أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند ، ولازم هذا أنه لا يكفر جهلة اليهود ولا النصارى ولا الذين يسجدون للشمس والقمر والأصنام لجهلهم"
________________

فبعض المترفقين بالناس اليوم يتلمسون لهم عذرا في أنهم يجهلون مدلول كلمة « دين الله » وهم من ثم لا يصرون ولا يحاولون تحكيم شريعة الله وحدها بوصفها هي « الدين » .
وأن جهلهم هذا بمدلول الدين يعفيهم من أن يكونوا جاهليين مشركين!
وأنا لا أتصور كيف أن جهل الناس ابتداء بحقيقة هذا الدين يجعلهم في دائرة هذا الدين!
إن الاعتقاد بحقيقه فرع عن معرفتها . فإذا جهل الناس حقيقة عقيدة فكيف يكونون معتنقين لها؟ وكيف يحسبون من أهلها وهم لا يعرفون ابتداء مدلولها؟

إن الذي يعنينا هو تقرير حقيقة الدين الذي فيه الناس اليوم . . أنه ليس دين الله قطعا . فدين الله هو نظامه وشرعه وفق النصوص القرآنية الصريحة . فمن كان في نظام الله وشرعه فهو في « دين لله » . ومن كان في نظام الملك وشرعه فهو في « دين الملك » . ولا جدال في هذا .

والذين يجهلون مدلول الدين لا يمكن أن يكونوا معتقدين بهذا الدين . لأن الجهل هنا وارد على أصل حقيقة الدين الأساسية . والجاهل بحقيقة هذا الدين الأساسية لا يمكن عقلا وواقعا أن يكون معتقدا به . إذ الاعتقاد فرع عن الإدراك والمعرفة . . وهذه بديهية . .

وخير لنا من أن ندافع عن الناس وهم في غير دين الله ونتلمس لهم المعاذير ، ونحاول أن نكون أرحم بهم من الله الذي يقرر مدلول دينه وحدوده! . .

خير لنا من هذا كله أن نشرع في تعريف الناس حقيقة مدلول « دين الله » ليدخلوا فيه . . أو يرفضوه . .
هذا خير لنا وللناس أيضا . . خير لنا لأنه يعفينا من تبعة ضلال هؤلاء الجاهلين بهذا الدين ، الذين ينشأ عن جهلهم به عدم اعتناقه في الحقيقة . . وخير للناس لأن مواجهتهم بحقيقة ما هم عليه وأنهم في دين الملك لا في دين الله قد تهزهم هزة تخرجهم من الجاهلية إلى الإسلام ، ومن دين الملك إلى دين الله!

كذلك فعل الرسل عليهم صلوات الله وسلامه وكذلك ينبغي أن يفعل الدعاة إلى الله في مواجهة الجاهلية في كل زمان ومكان .



ليست هناك تعليقات