إتحاف الأنام بكيفية الدخول في الإسلام
الحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله
(والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاءَ به، فما لم يأْت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل)
ماهو المطلوب من العبد لكي يحقق الإسلام ؟
هل يدخل الإسلام بمجرد التلفظ بالشهادتين مع عدم الإقلاع والتوبة عن الشرك والتبرئ من المشركين ؟؟
وهل يدخل الإسلام بمجرد أن يصلى على النبي صل الله عليه وسلم ويلبس الجلابية ويعلق سبحة في رقبته ؟؟كما يقول سفهاء القوم وعلمائهم المضلون ؟؟
وهل هناك نص قطعي الثبوت والدلالة يبيّن هذا الأصل الأصيل ؟؟
نقول بعون الله:
لقد بيّن لنا ربنا ديننا أتم بيان وأكمل تبيان ومن باب أولى أصل الدين الذي من حققه وجب على المؤمنين توليه وكان حقه عليهم مثل حقوقهم على بعضهم البعض، والذي من خرقه أو نقضه كان على المؤمنين قطع موالاته والبراءة منه وأختار من جملة النصوص التي تبيّن الحد الأدنى المطلوب تحقيقه لكي يدخل الإسلام الآتي:
1/ قوله تعالى (فَمَنْ يكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ)
إن هذا النص يصرح صراحة قاطعة وحاسمة _ لا تترك مجال لأي متلاعب _ أن المستمسك بلااله الا الله لابد له من أمران وهما:
1/ الكفرُ بالطاغوت
2/ الإيمان بالله
.............................................................
فالكفر بالطاغوت و الإيمان بالله هو معني لا إله إلا الله ومعاني الطاغوت تدور في خمسة أنواع وهي:
الأول: ما يعُبد من دون الله تعالى؛ سواء كان هذا المعبود صنماً أو قبراً أو عبداً صالحاً أو جِنَّاً أو غير ذلك.
الثاني: من يحكم بغير ما أنزل الله سبحانه؛ سواء كان هذا الحاكم هو الكاهن أو كان هو الزعماء أو كان هو العلماء والأحبار والرهبان، أو كان غير ذلك.
الثالث: الشيطان وكل من دعا إلى معصية الله من أئمة الضلال.
الرابع: الكاهن ونحوه ممن يدعي علم الغيب.
الخامس: من يحل ما حرم الله ويحرم ما أحل الله ويٌشَرِّعُ ما لم يأذن به الله ويطاع في معصية الله؛ تبارك الله وتعالى.
أما صفة الكفر بالطاغوت فهي كالآتي:
الأول: اعتقاد بطلان عبادته ودليلُ ذلك النفي الوارد في قوله تعالى( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)
الثاني: ترك عبادته ودليلُ ذلك قوله تعالى (والَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَاد)
الثالث: بغض عبادته ودليلُ ذلك قوله تعالى(وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ)
الرابع: تكفيره وعابديه ودليلُ ذلك قوله تعالى(قل يا ايها الكافرون) وقوله: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه، إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده)}}
الخامس: عداوته و عداوة عابديه ودليلُ ذلك قوله تعالى(وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده)
السادس: إزالته عند القدرة ودليلُ ذلك قوله تعالى (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم) وأئمة الكفر هم الطواغيت.
فمن أعتقد إعتقاداً جازماً بأن الله هو معبوده الحق وأن كل من عُبد من دونه هو الباطل وتبراء من العابد والمعبود (لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله) بأن أعتقد كفرهم وبغضهم بقلبه وقبل كل ماجاء به الشرع ورد كل ماشرعه الطاغوت فقد حقق الإسلام وأستمسك بالعروة الوثقى.
...................................................................
وتحقيق الإسلام في هذا الزمان يكون بالبراءة من جميع الطوائف الضلال من متصوفة وأدعياء السلفية وإخوانية وسرورية وجميع الطواغيت سواء كانوا حُكاماً كالأنظمة الطاغوتية العربية والأعجمية وكزعماء الأحزاب وكهان الطرق الصوفية وكل من لم يُحقق التوحيد ومن لا يكفرهم.
وبعد أن بيّنا عن كيف يدخل المشرك في الإسلام أبيّن نماذج من بعض المظاهر (*) الموجودة في عصرنا هذا التي تبيّن أن هذا المجتمع حقيقةً لم يعرف الإسلام ولم يكفر بالطاغوت وهي كالآتي:
المظهر الأول: الجهل بحقيقة دين الإسلام، أي الجهل بالتوحيد وما يناقضه من الشرك ولا يعرفون الطاغوت ناهيك عن الكفر به.
الذي لا يعرف الإسلام الحق، ولا يميز بين التوحيد وضده، لا يمكن أن يكون معتقداً للإسلام، ولا مقراً به، ولا عاملا به، ولا متبرئا مما يناقضه، وبالتالي لا يمكن أن يكون مسلما.
فالمسلم هو من وحّد الله بالاعتقاد والقول والعمل، وتبرأ من الشرك بالاعتقاد والقول والعمل، وكفَّر المشركين وعاداهم وأبغضهم، ولا يتحقق شيء من ذلك بغير العلم بحقيقة الإسلام، فالجهل بالإسلام يعني عدم الإسلام، ومن يجهل الإسلام لا يملك اعتقاده ومن كان كذلك فهو كافر.
...........................................................
المظهر الثاني: انتشار عبادة الأصنام والأوثان المتمثلة في القبور والأضرحة والأشجار والأحجار وهذه العبادة تتمثل في الآتي : إعتقاد النفع والضر في غير الله اعتقاد الشفاعة في غير الله واتخاذ وسائط بينهم وبين الله التوجه لهم بالعبادات التي لا تنبغي إلا لله كالدعاء والذبح والنذر والحلف والطواف والتبرك والسجود والتوكل والخوف والمحبة وغيرها
.............................................................
المظهر الثالث: الإيمان بالطاغوت المتمثل في الأحكام والتشريعات المخالفة لشريعة الله كالقانون الوضعي. وتتجلى صور الإيمان به
في عدة وجوه منها::
1/ الموافقة عليه والرضي به.
2/ مدحه وتزكيته وتعظيمه والتحريض عليه
3/ حراسته والدفاع عنه
4/ تقديمه على شريعة الرحمن جل وعلا.
5/ اعتقاد جواز الحكم به
6/ وأعظم من ذلك القول بأنه أحسن من حكم الله في ملائمة الواقع والتطورات.
7/ وأعظم من ذلك اعتماده دستوراً للبلاد وتنحية شريعة الله عن الحكم والمنع من الحكم بها ورفضها.
8/ الإقبال عليه والاهتمام به بتشكيل مدارس ومعاهد وكليات لإعداد المتخصصين به من القضاة والمحامين ووكلاء النيابة والمحققين وغيرهم.
9/ الحكم به وتحكيمه في تنظيم جميع مجالات الحياة، وفي الخصومات الحادثة في الحقوق والدماء والفروج والأموال وغيرها.
10/ تشكيل المحاكم الخاصة للحكم به، وتحاكم الناس إليها في كل ما شجر بينهم.
11/ موالاة الطاغوت المتمثلة في الانضمام إليه والعمل في أجهزته التي تحميه وتنصره، وتدافع عنه، وتحارب أعداءه، وتقاتل في سبيله، وتطبق شريعته، كأجهزة الجيش والشرطة والأمن والحرس والقوات الخاصة وغيرها..
................................................................
المظهر الرابع: عدم تكفير المشركين ممن ترك التوحيد ولم يأتِ به، وعبد غير الله، وانشراح الصدر لهم ومحبتهم والتودد إليهم، ونصرتهم والوقوف معهم، والذب عنهم كل هذه المظاهر موجودة ومنتشرة وظاهرة للعيان، وهي خير دليل على كفر القوم الذين تفشَّت فيهم، وانتشرت بينهم وظهرت في واقعهم.
.................................................................
والسؤال هل يُحكم على قومنا اليوم بالإسلام بحجة أنهم يصلون ويتلفظون بالشهادتين ؟؟
وكيف الجواب عن الأحاديث التي تنص على أن من فعل ذلك مسلم ؟؟
الجواب بعون الله :
لايُحكم بإسلام من أظهر الصلاة أو التلفظ بالشهادتين لأقوامنا اليوم وذلك عائد للأتى أمور منها :
أولاً :
التلفظ بالشهادتين ليس هو الإسلام والصلاة ليست هي الإسلام وإنما هي دلالات على الإسلام والدلالة قد تُدل على المراد وقد لاتدل عليه وقد تُعتبر في حق قوم ولاتُعتبر في حق آخرين، فمن يُقرر أن التلفظ بالشهادتين أو الصلاة هو ذات الإسلام الذي أمرنا الله بتحقيقه فقد جهل أصل الديّن وملة إبراهيم، فإذا كان التلفظ بالشهادتين والصلاة دلالتي إسلام فإن الدلالة قد تُدل على معناه في حيّن ولاتدُل على معناها في أحيان. فقومنا اليوم لايدل التلفظ بالشهادتين أو الصلاة على الإسلام لكونهم يفعلون هذه الأمور مع شركهم فأغلب من ذكرناهم أنفاً يفعلون ذلك مع شركهم.
..........................................................................
ثانياً : دلالات الإسلام المعتبرة هي التي تدُل على التبرئ من اي ديّن سوى الإسلام والدليل على ذلك قوله صل الله عليه وسلم :
أ/ (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله)رواه مسلم.
فالشاهد من هذا الحديث قوله : (حتى يشهدوا) والشهادة لاتكون إلا بالعلم والإخبار قال تعالى (شهد الله أنه لااله إلا هو قائماً بالقسط) اي علم وأخبر. وقال تعالى : (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) "قال ابْنُ سِيدَهْ: الشَّاهِدُ العالم الذي يُبَيِّنُ ما عَلِمَهُ، شَهِدَ شَهَادَةً ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ…. والشَّهادَة خَبرٌ قاطعٌ تقولُ مِنْهُ: شَهِدَ الرجلُ عَلَى كَذَا،… الشَّاهِدَ هُوَ الْعَالِمُ الَّذِي يُبَيِّنَ مَا عَلِمَهُ، أهــــ.
........................................................................
ب/ قوله صل الله عليه وسلم (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله) وفي رواية ( من وحد الله). رواه مسلم
هذه الرواية أضافت (الكفر بما يعبد من دون الله) لقول لااله الا الله لتحقيق عصمة الدم والمال،والأصل في الكلام التأسيس لا التأكيد كما يقول الأصوليون وبهذا القيد _ الكفر بما يُعبد من دون الله _ يخرج من عصمة الدم والمال كل من تلفظ بكلمة التوحيد ولم يكفر بما يعبد من دون الله.
......................................................................
ثالثاً : فإذا أُشتهر عن قوم ما ناقض من نواقض الإسلام وهم يدعون الإسلام ويقيمون الشعائر الظاهرة فلايُحكم بإسلامهم بها والدليل على ذلك فعل الصحابة رضى الله عنهم مع قوم مسيلمة الكذاب فحكموا على عموم قوم مسيلمة بالكفر والردة وهذا كان الأصل ثم لم يستثنوا من هؤلاء القوم _ قوم مسيلمة _ إلا من أظهر برائته من مسيلمة وكان هذا دليلٌ خاص على إسلام الفرد منهم ولهذا نجد أن
الحوار الذي كان بين خالد بن الوليد ومجاعة من قوم مسيلمة الكذاب عن تبعيته وعدمها لمسيلمة وليس عن الصلاة وإلقاء السلام والنطق بالشهادة رغم أن خالد رضي الله عنه و لم يسمع منه إقرار بنبوة مسيلمة وإنما أكتفى بدلالة الحال.
.........................................................................
فهذه هي الطريقة لتقرير المسائل الشرعية وتنزيل الأحكام الربانية وهي إدراك الحكم الشرعي و إنزاله على الواقع المُخاطب به وكل أمة أو قوم أو طائفة تواتر عنها ناقض من نواقض التوحيد ينبغي إعطاء الواقع المراد تنزيل الحكم عليه حقه من العلم والإدراك لا أن نكتفى بجزئية الحُكم الشرعي ونتساهل في تنزيله في كل حال فيقع الشطط والغلط.
................................................................
وبهذا التقرير والتوضيح المختصر نكون والحمد لله قد وضحنا مناط تنزيل الأحاديث الصحيحة المطلقة ، التي تُبيّن أن النطق بالشهادتين أو الصلاة والشعائر دلالات إسلام
ليست هناك تعليقات