ردّا على الجهميّ صالح بن عبد العزيز آل الشّيخ في قوله أنّ القرآن مُحْدَثٌ
ردّا على الجهميّ صالح بن عبد العزيز آل الشّيخ في قوله أنّ القرآن مُحْدَثٌ في إحدى أشرطته في شرحه للطّحاويّة:
داود ابن علي الاصبهاني و مسالة القران
قال الخلال: سمعت أحمد بن محمد بن صدقة، سمعت محمد بن الحسين بن صبيح، سمعت داود الأصبهاني يقول: القرآن محدث، ولفظي بالقرآن مخلوق. [طبقات الشافعية 2/286, والسير (13/ 103)].
وقال أبو بكر الخلال: أخبرنا الحسين بن عبد الله، قال: سألت المروذي عن قصة داود الأصبهاني، وما أنكر عليه أبو عبد الله، فقال: كان داود خرج إلى خراسان، إلى ابن راهويه، فتكلم بكلام شهد عليه أبو نصر بن عبدالمجيد وآخر، شهدا عليه أنه قال: القرآن محدث. [السير (13/ 103)].
_قال عبد الله بن أحمد : حدثني احمد بن ابراهيم حدثني أبو جعفر السويدي قال سمعت وكيعا وقيل له أن فلانا يقول: إن القرآن محدث. فقال سبحان الله! هذا كفر. [السنة لعبد الله (1/115)]
فانظر كيف حكم الإمام وكيع على هذه اللفظة بالكفر .
فالإمام أحمد رحمه الله أدرك هذه المخالفة العظيمة التي صدرت من داود الظاهري فحذر عنه ولم يأذن بدخوله إليه بل إنه دعا عليه بقوله : لا فرج الله عنه . [السير (13/ 103)]
والأئمة وقفوا من داود الظاهري نفس الموقف الذي وقفه منه أحمد , فهذا الإمام إسحاق بن راهويه لما سمع كلام داود في بيته، وثب على داود وضربه، وأنكر عليه . [طبقات الشافعية (2/286)] .
قال الخلال : سمعت أحمد بن محمد بن صدقة، سمعت محمد بن الحسين بن صبيح، سمعت داود الاصبهاني يقول: القرآن محدث، ولفظي بالقرآن مخلوق .
وأخبرنا سعيد بن أبي مسلم: سمعت محمد بن عبدة يقول: دخلت إلى داود، فغضب علي أحمد بن حنبل، فدخلت عليه، فلم يكلمني، فقال له رجل: يا أبا عبد الله ! إنه رد عليه مسألة. قال: وما هي ؟ قال: قال: الخنثى إذا مات من يغسله ؟ قال داود: يغسله الخدم.
فقال محمد ابن عبدة: الخدم رجال، ولكن ييمم، فتبسم أحمد وقال: أصاب، أصاب، ما أجود ما أجابه[السير (13/ 103_ 104), طبقات الشافعية (2/286_287)]
_قال صالح بن أحمد : قلت لأبي: ولا يكلم من وقف؟ قال: لا يُكلم .
قلت: كلَّمه رجل ؟ قال: يأمره, فإن ترك كلامه كلِّمه, وإن لم يترك كلامه , فلا تكلمه. [سيرة الامام ابن حنبل لأبي الفضل صالح بن أحمد (ص72)] .
( وقال الخلال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يحكي عن أبيه كلامه في داود الأصبهاني ، وكتاب محمد بن يحيى النيسابوري فقال : جاءني داود فقال : تدخل على أبي عبد الله وتعلمه قصتي وأنه لم يكن مني ، يعني ما حكوا عنه.
قال فدخلت على أبي فذكرت له ذلك ، قال : ولم أعلم أنه على الباب . فقال لي : كذب قد جاءني كتاب محمد بن يحيى ، هات الضبارة . قال الخلال : وذكر الكلام فلم أحفظه جيداً ، فأخبرني أبو يحيى عن زكريا أبو الفرج الرازي قال: جئتُ يوماً إلى أبي بكر المروزي وإذا عنده عبد الله بن أحمد ، فقال له أبو بكر : أحب أن تخبر أبا يحيى ما سمعت من أبيك في داود الأصبهاني . فقال عبد الله : لما قدم داود من خراسان جاءني فسلم علي فسلمتُ عليه فقال لي : قد علمت شدة محبتي لكم وللشيخ ،
وقد بلغه عني كلام أحب أن تعذرني عنده ، وتقول له : إن هذا ليس مقالتي أو ليس كما قيل لك .
فقلت : لا تريد ؟ فأبى ، فدخلت على أبي فأخبرته أن داود جاء فقال : إنه لا يقول بهذه المقالة وأنكر .
قال : جئني بتلك الإضبارة فأخرج منها كتاباً فقال : هذا كتاب محمد بن يحيى النيسابوري وفيه أنه ـ يعني داود الأصبهاني ـ أحل في بلدنا الحال والمحل ، وذكر في كتابه أنه قال : القرآن محدث ، فقلت له : إنه ينكر ذلك . فقال : محمد بن يحيى أصدق منه ، لا نقبل قول عدو الله . أو نحو ما قال أبو يحيى ، وأخبرني أبو بكر المروزي بنحو ذلك .) الفتاوى الكبرى ( 6 / 263 )
سعيد بن عمر البرذعي ، قال : كنا عند أبي زرعة الرازي ، فاختلف رجلان من أصحابنا في أمر داود الأصبهاني ، والمزني ، والرجلان : فضلك الرازي ، وابن خراش فقال ابن خراش : داود كافر . وقال فضلك : المزني : جاهل .
فأقبل أبو زرعة يوبخهما ، وقال لهما : ما واحد منكما لهما بصاحب . ثم قال : ترى داود هذا ، لو اقتصر على ما يقتصر عليه أهل العلم لظننت أنه يكمد أهل البدع بما عنده من البيان والآلة ولكنه تعدى ، لقد قدم علينا من نيسابور ، فكتب إلي محمد بن رافع ، ومحمد بن يحيى ، وعمرو بن زرارة ، وحسين بن منصور ، ومشيخة نيسابور بما أحدث هناك ، فكتمت ذلك لما خفت من عواقبه ، ولم أبد له شيئا من ذلك ، فقدم بغداد .
وكان بينه وبين صالح بن أحمد بن حنبل حسن ، فكلم صالحا أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه ، فأتى صالح أباه ، فقال : رجل سألني أن يأتيك ،
فقال : ما اسمه ؟ قال : داود . قال : من أين هو ؟ قال : من أصبهان . فكان صالح يروغ عن تعريفه ، فما زال الإمام أحمد يفحص ، حتى فطن به ، فقال : هذا قد كتب إلى محمد بن يحيى في أمره أنه زعم أن القرآن محدث ، فلا يقربني . فقال : يا أبه ! إنه ينتفي من هذا وينكره . فقال : محمد بن يحيى أصدق منه ، لا تأذن له . (تاريخ بغداد ( 8/374 ) .)
وقد كان محمد بن جرير الطبري يختلف إلى داود بن علي مدة ، ثم تخلف عنه ، وعقد لنفسه مجلسا ، فأنشأ داود يتمثل : فلو أني بليت بهاشمي خؤولته بنو عبد المدان
صبرت على أذاه لي ولكن تعالي فانظري بمن ابتلاني
قال أحمد بن كامل القاضي : أخبرني أبو عبد الله الوراق : أنه كان يورق على داود بن علي ، وأنه سمعه يسأل عن القرآن ، فقال : أما الذي في اللوح المحفوظ : فغير مخلوق ، وأما الذي هو بين الناس : فمخلوق .
قلت : هذه التفرقة والتفصيل ما قالها أحد قبله ، فيما علمت ، وما زال المسلمون على أن القرآن العظيم كلام الله ، ووحيه وتنزيله ، حتى أظهر المأمون القول : بأنه مخلوق ، وظهرت مقالة المعتزلة
، فثبت الإمام أحمد بن حنبل ، وأئمة السنة على القول : بأنه غير مخلوق ، إلى أن ظهرت مقالة حسين بن علي الكرابيسي وهي : أن القرآن كلام الله غير مخلوق ، وأن ألفاظنا به مخلوقة ، فأنكر الإمام أحمد ذلك ، وعده بدعة (كفريّة)، وقال : من قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، يريد به القرآن ، فهو جهمي . وقال أيضا : قال : لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع . فزجر عن الخوض في ذلك من الطرفين .
(سير اعلام)
ونقل الهروي في الفاروق بسنده إلى حرب الكرماني: سألت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يعني ابن راهويه عن قوله تعالى :{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} قال: قديم من رب العزة محدث إلى الأرض.
وهو يقصد أنّ تنزيله محدث إلى الأرض، لا أنّه كلام مخلوق. وقد بيّنت سابقا كلام السّلف في ذلك وأنّ الله موصوف بالتّكلّم بالقرآن أزلا وأبدا.
ليست هناك تعليقات