Header Ads

من يحسب أنه على حق وهو على باطل: جاهل لايعذر



 يقول سبحانه: ﴿ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ . 

.
قال الطبري ( هذه الآية من أوضح الدليل على تكذيب الله جل ثناؤه قول الزاعمين أن الله لا يعذب من عباده إلا من كفر به عنادا بعد علمه بوحدانيته وبعد تقرر صحة ما عاند ربه تبارك وتعالى عليه من توحيده والإقرار بكتبه ورسله عنده، لأن الله جل ثناؤه قد 


أخبر عن الذين وصفهم بما وصفهم به من النفاق وخداعهم إياه والمؤمنين أنهم لا يشعرون أنهم مبطلون فيما هم عليه من الباطل مقيمون، وأنهم يخادعون الذي يحسبون أنهم به يخادعون ربهم وأهل الإيمان به مخدوعون ثم أخبر تعالى ذكره أن لهم عذابا أليما بتكذيبهم بما كانوا يكذبون من نبوة نبيه واعتقاد الكفر به، وبما كانوا في زعمهم أنهم مؤمنون وهم على الكفر مصرون) . 

.
وقال البغوي: ( وما يشعرون) أي : لا يعلمون أنهم يخدعون أنفسهم وأن وبال خداعهم يعود عليهم ) .
.
وقال ابن كثير ( وقوله تعالى: ﴿ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ﴾ أي: بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع إسرارهم الكفر يعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك وأن ذلك نافعهم عنده وأنه يروج عليه كما قد يروج على بعض المؤمنين ) .


____________________


قال الله تعالى: ﴿ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ .

قال ابن كثير في تفسيره: ( قال ابن جرير : وهذا من أبين الدلالة على خطإ من زعم أن الله لا يعذب أحدا على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فيرتكبها عنادا منه لربه فيها. لأن ذلك لو كان كذلك، لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل وهو يحسب أنه مهتد وفريق الهُدى فرق، وقد فرق الله تعالى بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية ) .

.
فهذا كلام شيخ المفسرين وصاحب أصح التفاسير، وقال البغوي في تفسيرها : ( قوله عز وجل ﴿ فَرِيقًا هَدَى ﴾ أي هداهم الله ﴿ وَفَرِيقًا حَقَّ ﴾ وجب ﴿ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ ﴾ أي الإرادة السابقة ﴿ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
فيه دليل على أن الكافر الذي يظن أنه في دينه على الحق والجاحد والمعاند سواء) .


__________


وقال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ .

( روى البخاري عن مصعب قال سألت أبي يعني سعد بن أبي وقاص عن قول الله: ﴿ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ﴾ أهم الحرورية ؟ 

قال: لا، هم اليهود والنصارى أما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم وأما النصارى فكفروا بالجنة وقالوا لا طعام فيها ولا شراب والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه وكان سعد رضي الله عنه يسميهم : الفاسقين" ) .

.
وقال علي بن أبي طالب والضحاك وغير واحد هم الحرورية، ومعنى هذا عن علي أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم. لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ولا هؤلاء بل هي أعم من هذا.


فإن هذه الآية مكية، قبل خطاب اليهود والنصارى وقبل وجود الخوارج بالكلية وإنما هي عامة في كل من عبد غير الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها، وأن عمله مقبول وهو مخطئ وعمله مردود كما قال تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ﴾ . وقوله تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا﴾ . وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ﴾ .

وقال في هذه الآية الكريمة ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ ﴾ أي نخبركم
﴿ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ﴾ ثم فسرها فقال ﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ أي عملوا أعمالا باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة ﴿ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ أي : يعتقدون أنهم على شيء وأنهم مقبولون محبوبون) . اهـ




ليست هناك تعليقات